صوت البلد للأنباء –
محبط، متجهم طوال الوقت، يكثر الدعاء لحماية غزة وأهلها، يتنقل ما بين هاتفه والتلفاز لمعرفة الأحداث أولا بأول، يتأثر بكل ما يحدث فيها، لا تقتصر تلك المشاعر على شخص بعينه، وإنما تشمل كثيرا من الأردنيين والأردنيات الذين لا يقوون على عدم متابعة الأحداث، يشاهدون مقاطع الفيديوهات والصور التي تصلهم من قلب غزة ويعيدون نشرها؛ سعيا لإيصال صوت الحق ودحض الادعاءات الكاذبة.
غيّرت تلك الأحداث حياة مواطنين وطريقة تفكيرهم، إذ يقول أحدهم في حديثه : إن «الأحداث جعلته يستصغر مشاكله أمام المصائب التي يراها هناك، ومتّنت علاقته بالله عزوجل، مدركا بأنه الضمان الوحيد، ويجب شكره الدائم على نعمه الكثيرة».
مواطن آخر يذكر: إن «الحرب على غزة غيرت ترتيب أولوياته، فضلا عن أنها عززت فكرة أن الوطن هو الكرامة والدين والشرف والأمان وأنه أعظم ما نملك، والدفاع عنه أولوية»، آخرون اكتفوا بالإجابة أنه لقلة الحيلة قد كبروا 20 عاما في 20 يوما!
وتقول الأستاذة المساعدة في علم النفس الإكلينيكي في جامعة عمان الأهلية الدكتورة فداء أبو الخير: إن «المشاعر والانفعالات كالحزن والغضب الناتجة عن أحداث غزة (طبيعية)»، مشيرة إلى أنه «من غير الطبيعي عدم الإحساس بهذه المشاعر في هذه الظروف».
وتذكر في حديثها “: إنها «ليست مع تخفيف المشاعر المرتبطة بحدث ما يشعرنا بأننا على قيد الإنسانية وليس فقط على قيد الحياة»، مشددة على أن «كيفية التعبير عنها وتأثيرها على حياة الشخص هي الأهم».
وتتابع: إنه «من الضروري التعبير عن المشاعر وترجمة الحزن بطريقة صحية، بعيدا عن إعاقتها لاستكمال مجرى الحياة كما ينبغي، واختلال النوم، والتأثير على العلاقات الاجتماعية».
وتعدد أبو الخير بعض الطرق التي تعبر عن المشاعر بطريقة صحية، كتحويل السلبية منها إلى فعل إيجابي، بمعنى التعبير عن الحزن والغضب بتقديم المساعدة إلى غزة، أو ترجمة فيديوهات تظهر الحقائق إلى لغات أخرى، والتطوع لتقديم خدمات مجانية وفق اختصاص كل شخص، بعد انتهاء الحرب.
وتشدد أبو الخير على أن باستطاعة الشخص مشاهدة الأخبار دون الفيديوهات إذا كانت صلابته النفسية ليست عالية؛ ليبقى على معرفة تطورات الأحداث أولا بأول.
وفيما يتعلق بالأطفال فإن أبو الخير تشدد على أنه «ليس صحيحا أن يرى الأطفال الفيديوهات؛ لأنها ستتخزن بالذاكرة بطريقة غير صحية، وبالتالي تؤدي على المدى البعيد إلى مشاكل تتعلق بالأمان والخوف والثقة.
وتذكر: «إنه من الممكن إعلام الأطفال عن وجود حرب في غزة ويكون التعامل مع مشاعرهم من خلال الرسم، والمناقشة، ومعرفة أساس القضية، والحقائق كما هي بقصص سردية بسيطة بحسب علمهم ومفهومهم».
من جانبه، يقول استشاري الطب النفسي والإدمان الدكتور هاشم فاخوري: «كثير من الأشخاص يشعرون بالذنب والعجز والتقصير وقلة الحيلة، بمجرد ممارستهم لحياتهم الطبيعية»، مبينا أن «هذا الشعور صعب ولا يفيد أهالينا في غزة ولا القضية».
ويذكر كما ورد على صفحته الخاصة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي: إنه «يجب التفكير بكيفية تأثير الأحداث ومدى تغييرها بالأشخاص بدلا من إحساسهم بالعجز، والتفكير بالأمور التي تستوجب التغيير والإصلاح بحياتهم».
ويكمل: «يجب التفكير بكيفية إصلاح علاقاتهم مع أقرب الناس إليهم، وعدم ظلمهم أو معاملتهم بقسوة، وإصلاح علاقتهم برب العالمين والاهتمام بعقيدتهم وعبادتهم، فضلا عن التفكير بكيفية دعم القضية؛ بالتركيز على الأمور التي يستطيعون عملها وليس تلك التي لا يستطيعون تغييرها