صوت البلد للأنباء –
ظاهرة لا توجد إلا في الأردن… البلد الذي تتساقط فيه الثلوج على شاشات الهواتف قبل أن تصل إلى الأرض إنه البلد الذي يعيش فيه المواطنون في حيرةٍ دائمة كلما اقتربت منخفضات الشتاء، والسبب؟ ألف راصد جوي، ولكل واحد منهم نبوءة مختلفة!
على ما يبدو أن كل من يملك هاتفًا ذكيًا وتطبيقًا للطقس قد حصل تلقائيًا على شهادة “خبير أرصاد جوية”، فتجد في كل حيٍ راصدًا جويًا، وفي كل مجموعة “واتساب” محللاً للمنخفضات الجوية بل وحتى الحلاق والبقال باتا يستقبلانك بتوقعات تفصيلية: “بكرا الثلجة على ارتفاع 800 متر، وبعده على 600، وإذا زادت البرودة، ممكن توصل لعند بيت حماك!”
المفارقة الكبرى أن كل هؤلاء “الخبراء” نادرًا ما يتفقون على شيء هذا يتحدث عن عاصفة ثلجية تعود بنا إلى العصر الجليدي، وذاك يحذر من “منخفض عادي” لا يستدعي حتى ارتداء معطف! وآخر يتنبأ بهطول الثلوج في الصحراء الشرقية، بينما جاره يؤكد أن الشمس ستشرق بشدة لدرجة أنك ستحتاج إلى نظارات شمسية!
ما يزيد الطين بلة هو أن القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي باتت منصةً مفتوحةً لهؤلاء المتنبئين، فتجد أحدهم يطل عبر “بث مباشر” وهو يشرح حركة الغيوم بأسلوب درامي لا يقل إثارة عن نشرة الأخبار العاجلة، وآخر ينشر خرائط طقس معقدة، كأنه يستعد لإطلاق رحلة إلى المريخ.
لكن السؤال المحيّر هو: كيف يمكن للحكومة أن تُنظم هذه الظاهرة؟ هل تصدر رخصًا للراصدين الجويين؟ أم تكتفي بإضافة مادة جديدة في مناهج المدارس تحت عنوان: “كيف تميّز بين الراصد الجوي الحقيقي وراصد الحارة”؟
في نهاية المطاف، نجد المواطن الأردني يقف حائرًا بين هذه التنبؤات المتضاربة، لا يعلم إن كان عليه شراء ملابس الثلج أم تحضير الشواية للشمس الساطعة! فيتخذ القرار الأكثر حكمة: شراء كل الاحتمالات… معطف ثلج، ونظارات شمسية، ومظلة، وبالتأكيد… أكياس الملح، تحسبًا لانزلاق غير متوقع!
يا ترى، هل سنشهد يومًا راصدًا جويًا واحدًا يتفق عليه الجميع؟ أم سيبقى الأردنيون في حيرةٍ دائمة بين “الثلجة” و”الشمسية”؟