صوت البلد للأنباء –
خاص- محمد المحتسب
في وطنٍ لا يهب اسمه إلا لمن يستحق وفي أرضٍ اعتادت أن تُخرِج رجالًا يشبهون ترابها في النقاء وصلابة حجارتها في الثبات يبرز الدكتور ماهر الحوراني كواحد من تلك القامات التي تمشي بين الناس بصمتٍ يليق بالكبار وتترك أثرًا يتجاوز حدود المؤسسات ليصل إلى حدود الفكرة والوطن بالمستقبل وهكذا يصبح حضوره أشبه بظل شجرة كبيرة يستظل بها العابرون دون أن يشعروا بثقلها إنه من الرجال الذين تصنعهم المواقف لا الأضواء وتقدمهم الأيام لا الواجهات . ليس مجرد إداري ناجح ولا رجل أعمال يبحث عن توسع أو ربح بل شخصية وطنية تتخذ من العلم جسرا ومن الاقتصاد جناحا لتبني صورة أردنية مشرقة لا تتشكل بالصدفة بل بالإيمان والجهد والرؤية إن حضوره ليس وصفًا وظيفيًا بل هوية وطنية تسير على قدمين هو نموذج للرجل الذي يمزج بين قوة التخطيط ودفء الانتماء وتراه دائما يسير بثقة تشبه خطوات من يعرف الطريق ويحمل شعلته . وحين اختار أن يدخل بوابة التعليم لم يدخلها كطارق عابر بل كصاحب مشروع يحمل على كتفيه إيمانا بأن بناء الإنسان هو أساس الدولة وأن الجامعة ليست مبنى بل رسالة ومن هنا بدأ مشواره مع جامعة عمان الأهلية أولى الجامعات الخاصة في الأردن التي حملها كما يحمل الأب طفله الأول بحنان القوة وبقوة الحنان ومنذ اللحظة الأولى كان يدرك أن التعليم لا يدار بالعقود بل بالقلوب المؤمنة بالرسالة ولهذا أصبحت الجامعة بالنسبة إليه قطعة من الوطن لا مشروعا من المشاريع . لم يتحرك داخل الجامعة كمدير يتفقد أوراقا بل كمواطن يرى في كل طالب مستقبلا وفي كل قاعة نافذة وفي كل خطوة معبرا نحو أردن أقوى ارتفعت المباني كما ترتفع الأحلام واتسعت التخصصات كما تتسع البلاد لأبنائها وصارت الجامعة أكثر من مؤسسة صارت روحا تتنفس المعرفة حيث أعاد للجامعة معنى البيت الذي يجمع أبناء الوطن على اختلاف أحلامهم وكان يؤمن دائما بأن الطالب الذي يثق بنفسه هو مشروع وطن لا ينضب. كان يفكر للمكان لكنه يفكر للزمن قبل ذلك يرى الغد كما يرى القائد خارطة معركة ويعد له عدته كما يعد البناء أساس بيته ولذلك أصبحت الجامعة تحت قيادته نموذجا أردنيا يضاهي الجامعات الكبرى ويقدم للعالم صورة واضحة عن قدرة الوطن على النهوض متى وجدت الإرادة الصادقة حيث كان يقرأ المستقبل قبل أن يصل ويبني له جسورا قبل أن يفتح أبوابه ولهذا لم تكن إنجازاته نتيجة الحظ بل نتيجة نظر بعيد وقرار صلب . وعلى ضفة أخرى من حياته وقف رجل الاقتصاد الذي يفهم أن الوطن يحتاج إلى تعليم يبنيه واقتصاد يحميه لم تكن مشاريعه الاقتصادية مجرد استثمارات بل كانت رافعات وطنية توفر العمل وتفتح الأبواب وتنسج خيوطا تربط ما بين الفكر والإنتاج وما بين الحلم والواقع حيث صنع منظومة اقتصادية تؤمن بأن الإنسان هو رأس المال الأول وكان يرى أن المشروع الذي لا يخدم وطنه لا يستحق أن يولد . وبرغم تعدد مسؤولياته بقي الرجل وفيا لصمته الأنيق لا يلهث خلف المنابر ولا يطلب كاميرا كأنه يؤمن بأن الصوت الأعلى هو صوت الإنجاز حيث كل ما يفعله يأتي بلا ضجيج لكنه يحدث صدى يسمعه من يعرفون أن العمل الحقيقي لا يمر من بوابة الإعلان بل من بوابة الأثر فهو حضور بلا صخب وتأثير بلا ادعاء وكثيرون يعرفونه من نتائج عمله قبل أن يعرفوه من اسمه . ولم تكن الجامعة بالنسبة إليه مشروعا أكاديميا بقدر ما كانت مساحة ثقافية اجتماعية يلتقي فيها الفكر مع الهوية وينمو فيها وعي الشباب على قيم الوطن حيث أصبحت القاعات لديه تشبه ساحات الوعي الأولى والمختبرات تشبه نوافذ على المستقبل والساحات تشبه الوطن حين يحتضن شبابه وفي كل ركن من أركان الجامعة ترك بصمة تقول إن التعليم رسالة تتنفس الحياة وكان دائما يعتبر الطالب شريكا في البناء لا مجرد متلق للعلم . ومثل نهر يمتد خارج مجراه تجاوزت بصماته حدود الجامعة إلى المجتمع يطلق المبادرات يدعم الطلبة يساند المشاريع الوطنية ويرى في كل إنجاز يوقعه شراكة غير معلنة مع الوطن حيث لم يكن جزءا من المشهد فحسب بل كان اليد التي تسند وتبني وتفتح الطريق حيث تقدم نحو المجتمع بروح المسؤولية لا بروح الوجاهة وكل مبادرة يطلقها تحمل بصمة رجل يعرف قيمة الوطن في كل تفصيل . وفي شخصيته القيادية ترى مزيجا نادرا يجمع بين الصرامة التي تقيم المؤسسات والرقة الوطنية التي تجعل من حوله يشعرون بأنهم شركاء لا موظفين قيادة لا تعتمد الخوف ولا تستند إلى الموقع بل تستند إلى الاحترام والقدرة على تحويل العمل إلى قصة نجاح فهي قيادة تتقدم بالعقل لكنها لا تتخلى عن القلب وتمنح المكان هويته كما تمنح الإنسان ثقته . ومع صعوده في عالم الاقتصاد لم تغره الألقاب ولم تبعده النجاحات عن جوهر رسالته الأولى الإنسان حيث كان يدرك أن القلوب تبنى قبل الأبراج وأن العقول تشكل قبل الأرقام وأن الوطن لا ينهض بالكثير من المال بل بالكثير من الإيمان وكان يردد دائما أن الاستثمار الحقيقي يكتب أسماءه في ذاكرة الناس لا على جدران الأبنية وبهذا النهج بقي قريبا من الناس مهما ارتفع في عالم الاقتصاد . لذلك لم يكن مجرد اسم عابر في قطاعي التعليم والاقتصاد بل كان محطة من محطات النهوض الأردني وصوتا هادئا يهمس بثبات أن الأردن يستحق الأفضل وأن أبناءه قادرون على فعل ما هو أعظم إذا وجدوا من يفتح لهم الأبواب حيث كان يؤمن بأن الوطن أكبر من الأفراد لكن الأفراد العظماء يمنحونه قوته وكل خطوة يخطوها كانت تحمل حلما أوسع من حدود المكان . وحين يسأل اليوم من هو الدكتور ماهر الحوراني يكون الجواب أكبر من سيرة ذاتية وأبعد من منصب إنه رجل ينتمي للوطن كما ينتمي الأب لبيته ويصنع من كل خطوة لبنة ومن كل قرار نافذة ومن كل مشروع فصلا من فصول الأردن القادم رجل يمشي بثبات يشبه البلاد ويفتح أبواب المستقبل كما لو أنه يكتب فصلا جديدا في كتاب الوطن إنه صورة من صور الأردن حين ينهض على كتفي أبنائه المخلصين ورحلة من رحلات العطاء التي لا تكتب بالحبر بل تكتب بالإنجاز .












