صوت البلد للأنباء –
لا يحب سكان قطاع غزة أن يأتي عليهم الليل، في ظل الخشية الكبيرة من عمليات القصف الجوي الإسرائيلية المباغتة والتي لا يسبقها إنذار، رغم أن قوة تأثير الصواريخ التي تطلق لا تختلف إن كانت في النهار أو في الليل، غير أن صدى الصوت والفزع الذي تحدثه تلك الغارات الليلية، يجعل الغزيين يشعرون بالاكتئاب بشكل أكبر مع بداية المساء.
الموت الأصعب ليلا
ورغم أن الكثير من هذه المجازر تقترف في النهار، إلا أن تلك الغارات الليلية تحدث حالة خوف وإرباك كبيرين في صفوف السكان، لا سيما الأطفال والنساء منهم.
وفي الغالب تكون معظم هذه الغارات الدامية والكبيرة، بعد انتصاف الليل، حين يكون معظم السكان نياما، ما يخلق حالة من الفزع الشديد في صفوف المواطنين.
وترجع عملية الفزع والخوف هذه، إلى كون أن الغارات إلى جانب أنها تقع والناس نيام، ما يجعلهم يقومون فزعين من نومهم، تكون أصوات الانفجارات الناجمة عنها أكثر من تلك التي تقع في النهار، بسبب حالة السكون الليلي، وخلو الشوارع من أي أصوات أخرى.
ويقول مواطنون نجوا من قصف ليلي أصاب مناطق قريبة منهم، إن لهيب النار الذي تحدثه تلك الغارات والذي يظهر بشكل أكبر ليلا، حط في قلوبهم الخوف وجعلهم يشعرون بكل تفاصيل الموت
يقول وائل شاب في منتصف الثلاثينات من العمر، استهدفت إحدى الغارات الجوية منزلا قريبا من منطقة سكنه، إنه كغيره من سكان غزة يكره الليل، ويريد أن يبقى نور الشمس على مدار الـ 24 ساعة، وإن أسرته كباقي أسر غزة ينتابها خوف وقلق شديد عندما يحل الليل.
ويوضح في حديثه لـ”القدس العربي”، وهو يروي لحظة الاستهداف الليلي لذلك المنزل القريب من مكان سكنه، أنه استفاق فجأة على صوت ضوء كبير واهتزاز أصاب منزله، وأنه تيقن وهو على فراش النوم بجوار أفراد أسرته أن الأمر ناتج عن قصف إسرائيلي.
ويضيف “لم أستطع وقتها الحركة من مكاني للحظات، وطننت أني قد قضيت في تلك الغارة”، ويواصل “سمعت بعد ذلك أصوات تحطم الزجاج وأصوات تناثر ركام منزلي والمنازل المجاورة”.
ويوضح هذا الشاب بعد أن امتص صدمة القصف الذي طال المنطقة بصاروخين، أنه قام فزعا من نومه وغبار القصف والبارود يملأ المكان، ويغطي أجساد أسرته، والجروح في قدميه، وحمل أطفاله وسار برفقة زوجته مسرعا خارج المنزل، ويؤكد أنه نجا بأعجوبة من ذلك القصف.
وقد تعرض منزل هذا الشاب لأضرار بليغة جدا، جعلته لا يصلح للسكن، وهدمت خمسة منازل محيطة، وأدت إلى وقوع عشرات الشهداء والمصابين بينهم أطفال.
وتقول أم خالد إحدى السيدات كبيرات السن، وقد تعرضت منطقة سكنها إلى قصف مماثل، إن القريبين جدا من القصف لا يسمعون صوت الانفجار الأول، وإنهم يرون الموت قد اقترب لآخر الخطوات.
وتشير إلى أن أصعب اللحظات للناجين هي الخروج من الركام إن كان لا يغطيهم، فيما تكون الصعوبة الكبيرة لأولئك الناجين الذين يكونون تحت الركام.
وتوضح أن اللحظات التي تمر عليهم يحسبها الشخص ساعات طويلة، وأن الناجين والمصابين منهم، ينقطع لديهم الأمل في تلك اللحظات بالنجاة، ويتوقعون أن يصيبهم قصف جديد، وتشير إلى أن مرضها وضعف جسدها وكبر سنها، جعلها لا تستطيع الخروج بسهولة من المكان، وتشير إلى أن مساعدة الجيران لها، هو ما أخرجها من الشارع الذي امتلأ بالركام والحطام، قبل أن يجري إجلاؤها مع آخرين من عائلتها وعائلات الجيران للمشفى لتلقي العلاج من الجروح التي غطت أجسادهم.
وانتشرت لقطات مصورة لطفل ناج من تحت الركام من قصف استهدف منطقة سكنه في مدينة رفح جنوب القطاع، وهو على سرير المشفى والجروح في رأسه، وقد بدا مرعوبا من الحدث ويداه المرتجفتان تحملان قطعة حلوى، كان قد حصل عليها قبل وقوع المجزرة..