صوت البلد للأنباء –
جاؤوا ليكحلوها.. فأعموها”، هكذا يختصر المثل الشعبي قصة الكثير من المهووسات بالحفاظ على عمر الشباب، اللواتي تشوّهن بسبب عمليات التجميل الفاشلة، إذ يشهد هذا الاختصاص فوضى عارمة في العالم العربي.
وتتصدر الفنانات، قائمة ضحايا ، وقد اشتهر منهن “وفاء سالم ودومنيك حوراني وحورية فرغلي، و ومها المصري وريهام سعيد.. وغيرهن”، وأدى فشل عمليات التجميل إلى موت أخريات، مثل ناهد شريف وفايزة أحمد ومها الجابري.
لكن كوارث عمليات التجميل تبدو أكبر بكثير مما ينشر في وسائل الإعلام، التي تهتم بنشر أخبار الفنانات، فالشكاوى المتكررة وتدخل وزارات الصحة العربية من أجل إخضاع هذه المهنة لقوانين صارمة، يدل على تفاقم ضحايا عمليات التجميل.
ففي فبراير 2024، أصدرت وزارة الصحة السورية قرارًا يحدد الشهادات الأكاديمية التي يجب توافرها لدى الأطباء، قبل السماح لهم بإجراء عمليات الجراحة أو الحقن والشفط المدرجة ضمن خانة التجميل، كما تضمن القرار قائمة عقوبات صارمة لكل من يعتدي على المهنة.
ويأتي ذلك بعد تفاقم أعداد ضحايا التجميل، وقيام الكثيرين بالاعتداء على المهنة، وفي مقدمتهم محلات الحلاقة النسائية، التي تمارس حقن البوتوكس والوشم، من دون تراخيص، وتقول وزارة الصحة السورية إن 70% من تلك المحلات تمارس التجميل وقد تم إغلاق 6 منها منذ بداية العام.
المخفي أعظم!
تقول مضيفة الطيران “نهلة”، إنها خسرت عملها بسبب عملية التجميل الفاشلة التي أدت لتشوه وجهها كليًّا، وتضيف “خضعت لعدة عمليات بهدف إصلاح الخطأ، ولكن التشوه ازداد سوءًا”.
ما حصل مع “هناء”، لم يكن أقل كارثية من “نهلة”، فعملية تصغير الأنف وتعديله، جاءت بنتائح عكسية جعلتها تخضع لعملية تصحيح للخطأ، تقول هناء: “لم أصدق أن هذا هو وجهي عندما نظرت في المرآة، لقد صغر الأنف، ولكنه كان مائلًا”.
وتبعًا لطبيعة الشكاوى التي تصل إلى وزارة الصحة، بسبب فشل عمليات التجميل، يبدو أن ذلك يعود إلى سوء المواد المستخدمة، وقلة خبرة الطبيب الجراح، أو عدم وجود فريق كامل من الاختصاصيين في أثناء العملية.
كما تتحمل الأخطاء الطبية التي يقع بها الاختصاصيون، جزءًا من أضرار عمليات التجميل، وهو ما دفع وزارات الصحة العربية لإصدار “قوانين المسؤولية الطبية”، التي تتيح للمتضررين تحصيل حقوقهم.
ليس بالإمكان أكثر مما كان!
تقول نهلة بأسى: “وماذا يفيد المريض إذا تشوه وجهه ولم يعد بالإمكان إصلاحه؟ هل يعنيه مبلغ التعويض المالي، بعد أن خسر عمله وعلاقاته الاجتماعية، وربما تعرض لتداعيات نفسية كثيرة لن يتخلص منها بسهولة”.
وتستخدم في عمليات التجميل طريقتي حقن البوتوكس والفيلر، وتحتل المواد المصنعة أمريكيًّا في المقدمة من حيث الجودة والفعالية، وتتوفر في السوق أنواع أخرى مثل الحقن الكورية والفرنسية وغيرها.
ويوصف البوتوكس في الموسوعة الطبية، بأنه مادة سامة تستخلص من البكتيريا، وتستخدم بكميات قليلة جدًّا لمنع وصول التنبيهات العصبية للعضلات وارتخائها لتعطي مظهرًا ناعمًا من دون تجاعيد.
أما الفيلر، فهو مادة مالئة مصنوعة من مواد عديدة مثل الكولاجين والريستالين، يمكن حقنها في مناطق مختلفة لتكبيرها وملئها.
وتقول نهلة: “لا يعرف المريض الأنواع المستخدمة وما هو الجيد منها، وربما يقع الشخص ضحية الاحتيال عندما يقولون إنهم سيستخدمون البوتوكس الأمريكي مرتفع السعر، بينما يضعون نوعًا آخر!”.
ما يجري على صعيد عمليات التجميل، يتكرر في زراعة الأسنان، إذ تسود الفوضى نتيجة تعدد أنواع الزرعات المتوفرة في الأسواق، وقد تسببت هذه القضية برفع دعاوى قضائية كثيرة ضد الأطباء.
هل يصلح التجميل.. ما أفسده الدهر؟
تتمنى نهلة لو أنها اكتفت بجمالها الطبيعي، ولم تلجأ لعمليات الحقن التي شوهت وجهها وغيرت مسار حياتها جذريًّا، بعد أن خسرت عملها وخطيبها، أما هناء فهي مضطرة اليوم، لإعادة أنفها بيدها، إلى وضعه الطبيعي كلما مال، إذا عطست أو إذا اصطدم بشيء خارجي.
ورغم عدم وجود إحصاءات دقيقة، فإن التقديرات تشير إلى أن العرب يصرفون مبالغ طائلة على عمليات التجميل سنويًّا، أما على مستوى العالم، فقد وثقت “الجمعية الدولية لجراحة التجميل” زيادة كبيرة في عمليات التجميل، ووصل الرقم إلى 11.36 مليون عملية خلال 2019.
كوارث عمليات التجميل وما تتركه من تشوهات نفسية ومادية عند السيدات خاصة، أدت لتصاعد الدعوات من أجل العودة إلى الفطرة والجمال الطبيعي، ويقول المناصرون لهذا الاتجاه: إن ما يستهلكه الإنسان من سنوات عمره، لا يمكن إصلاحه عبر عمليات التجميل!