صوت البلد للأنباء –
استضافت كلية الحقوق في جامعة البترا محاضرة للمستشار الثقافي لجمهورية العراق في المملكة الأردنية الهاشمية الأستاذ الدكتور خير الدين الأمين، بعنوان: “تطور عنصر الفرض والقانون في قواعد القانون الدولي الخاص” على مسرح الأنباط في كلية الإعلام، حضرها رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور رامي عبد الرحيم، وعدد من العمداء، ومديري الدوائر الإدارية، وطلبة الجامعة.
ركزت المحاضرة على التغيرات التي شهدها القانون الدولي الخاص منذ نشأته، وأهمية دوره في مواجهة تحديات النزاعات العابرة للحدود الوطنية.
وأشار الدكتور الأمين إلى أن عنصر “الفرض” يشير إلى ضرورة تحديد القوانين الواجب تطبيقها عند وجود نزاعات ذات طابع دولي، موضحًا أنه في سياق القانون الدولي الخاص، يُعتبر “الفرض” ضرورة أساسية لتحديد الإطار القانوني الذي سيُطبَّق على النزاع الدولي، خاصة في الحالات التي تتداخل فيها القوانين الوطنية مع قوانين أنظمة قانونية أخرى.
وأوضح الأمين أن الحاجة إلى قواعد القانون الدولي الخاص تَظْهَر بوضوح عند وجود نزاع بين أطراف ينتمون إلى دول مختلفة؛ إذ تسعى قواعد القانون الدولي الخاص إلى إيجاد قاعدة قانونية “تفرض” سلطتها على النزاع لضمان حل عادل ومنصف، ويتجلى هذا الفرض من خلال “قواعد الإسناد”، التي تُستخدم لتحديد القانون الأنسب لتسوية النزاع، بناءً على معايير موضوعية مثل مكان إبرام العقد، ومكان تنفيذ الالتزامات، وجنسية الأطراف.
ويهدف هذا النهج إلى تحقيق التوازن بين القوانين الوطنية المختلفة، مع مراعاة سيادة الدول ومصالح الأطراف. ومِنْ ثَمَّ، فإن الفرض القانوني في هذا السياق لا يقتصر فقط على اختيار القانون، بل يمتد إلى ضمان وجود إطار قانوني واضح وفعال يمكن الاعتماد عليه لحل النزاعات ذات الطابع الدولي بطريقة عادلة.
وأشار الأمين إلى أن القانون الدولي الخاص برز كأداة أساسية لمعالجة النزاعات ذات الطابع الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حين أصبحت الحاجة ملحة لتنظيم التفاعلات بين الدول والأفراد من جنسيات مختلفة، ولفت النظر إلى دور “قواعد الإسناد” في تحديد القانون الواجب تطبيقه عند وجود نزاع، مستعرضًا “ضابط الإسناد” كعنصر أساسي في هذه العملية. وأوضح أن هذه الضوابط تنظِّم تطبيق القانون المناسب بناءً على طبيعة النزاع والأطراف المعنية، وهو ما يسهم في تحقيق الانسجام القانوني على مستوى دولي.
تطرق الدكتور الأمين إلى فلسفة القانون الدولي الخاص مقارنة بالقانون المدني، مؤكدًا أن الأول يركز على تقريب المواقف بين الأنظمة القانونية المختلفة، خاصةً في القضايا ذات الطابع الدولي، بينما يهتم القانون المدني بتنظيم العلاقات داخل الدولة الواحدة. وأشار الأمين إلى أن فلسفة القانون الدولي الخاص تسعى إلى التقريب بين الثقافات القانونية، بما يعكس التنوع الثقافي العالمي.
وشدد المحاضر على أهمية القانون الدولي الخاص في حماية حقوق الأطراف المتنازعة وتعزيز العدالة، في ظل العولمة والتغيرات الجيوسياسية المعاصرة. وأكد أن هذا القانون يلعب دورًا محوريًا في تحقيق التوازن بين القوانين الوطنية والدولية، ويسهم في استقرار العلاقات بين الدول والأفراد.
واختتم الأمين محاضرته بدعوة الجامعات والمؤسسات القانونية إلى تعزيز البحث العلمي في هذا المجال، مشيرًا إلى ضرورة دعم الحكومات لتطوير التشريعات التي تراعي التعقيدات الجديدة في العلاقات الدولية.
وتأتي هذه المحاضرة ضمن جهود جامعة البترا في تعزيز وعي طلبتها بالقضايا القانونية الدولية الراهنة، ودعم الفهم المتخصص في مجال القانون الدولي الخاص.
وكان الدكتور علي الدباس عميد كلية الحقوق قد رحب في بداية اللقاء بالمحاضر وبين أنه الأكاديمي والأستاذ البارز في الجامعات العراقية، والمختص بالقانون الدولي الخاص، وخريج أرقي الجامعات العالمية، الذي يقوم في الوقت الحالي بمهام جسام تتمثل برعاية الطلبة العراقيين في مختلف مراحلهم الدراسية الجامعية. إلا أن ان هذا الدور المهم الذي يقوم به لم يمنعه من مواصلة جهوده في تزويد الطلبة من أبناء كليات الحقوق بأحدث المعارف القانونية في مجال تخصصه الدقيق، وخص طلبة الحقوق في جامعة البترا بهذا الجهد المميز. وأضاف بأن موضوع المحاضرة تم اختياره بعناية فائقة وبهدف تنمية قدرات الطلبة على التحليل العميق للمسائل القانونية، وبما يرقى بفكرهم القانوني إلى أسمى درجاته. وأكد أن كلية الحقوق في جامعة البترا ـوبرعاية دائمة من رئاسة الجامعة الموقرة- تسعى إلى الارتقاء بالمستوى التعليمي لطلبة الكلية ليس من خلال القاعات الصفية فقط وإنما منن خلال النشاطات اللامنهجية، وفي مقدمتها استضافة ذوي الخبرة والعلم في المجالات القانونية المختلفة سواء أكانوا من أبناء الوطن أم إخوتنا في الدول العربية الشقيقة.
وفي نهاية المحاضرة دار نقاش موسع بين المحاضر والحضور من الأساتذة والطلبة بخصوص موضوع المحاضرة.