صوت البلد للأنباء –
أظهرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، منذ الساعات الأولى التي تلت عمليتي اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، والقائد الكبير في حزب الله، فؤاد شكر، فرحةً عارمة، أعقبتها، منذ يوم أمس، “غصة” انتظار الرد، وتحمّل تبعات هاتين العمليتين، حيث كثرت التقارير والمقالات في مختلف وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي تحدثت عن ثمن هذه الاغتيالات على الصعد العسكرية – الأمنية، الاجتماعية، والاقتصادية، فأشارت تقارير إلى رفع مستوى التأهب في صفوف “الجيش” الإسرائيلي استعداداً لتقلي ضربات انتقامية من إيران ولبنان.
كما رُفعت الجهوزية في المؤسسات الصحية، وأصدرت السلطات المحلية تعليمات وتحذيرات للمستوطنين بإلغاء التجمعات والبقاء قرب الأماكن المحصنة، فيما شهد قطاع الطيران حالةً من الفوضى أبقت نحو 25 إسرائيلياً خارج “إسرائيل”، بسبب إلغاء أو تأجيل رحلات عديدة إلى “إسرائيل”.
توتر عسكري
بدوره، حذر محلل الشؤون السياسية في صحيفة “هآرتس”، يوسي فيرتر، من أنّه بعد احتفالات في “إسرائيل” باغتيال المسؤولَيْن الكبيرَيْن في حزب الله وحركة حماس، “إسرائيل” بقيت مع الحساب، فيما يحاول حزب الله استنزافها، وإبقائها منهكةً ويائسة، وذلك وسط مخاوف من ردّ حزب الله.
وفي هذا السياق، قال مراسل الشؤون العسكرية في صحيفة “معاريف”، آفي أشكينازي؛ ومراسلة الشؤون السياسية في الصحيفة ذاتها، آنا براسكي، في مقالٍ مشترك، إنّ “إسرائيل” تعيش حالة طوارئ (بعد اغتيال شكر)، حيث قرر “الجيش” الإسرائيلي، منع الإجازات في كل الوحدات القتالية في البر والجو والبحر، وكذلك في جميع تشكيلات التدريب.
وأضاف المراسلان أنّ “الجيش” الإسرائيلي رفع مستوى التأهب في صفوفه، ووضع منظومات الدفاع الجوي في جهوزية عالية.
وذلك على الرغم من أنّه يعيش في أزمة، لجهة عدم توفر قطع الغيار بشكل كاف، إلى جانب ازدياد شكاوى الجنود من نقص الأعتدة، والتي يتم التعويض عمها عبر تلقي التبرعات، وفقاً مراسل الشؤون العسكرية في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوآف زيتون، الذي أضاف أنّ “تأكّل 10 أشهر من القتال ينعكس ليس فقط في الدبابات غير الصالحة، بل أيضاً في زيادة الرقابة على النفقات العسكرية”، حيث أدت “الأشهر الـ10 الطويلة من القتال إلى الالتزام باقتصاد ذخائر داخل الجيش الإسرائيلي”.
وتحسباً لإمكانية تعرض “إسرائيل” لهجمات عبر مُسيّرات مُزوّدة بكاميرات، أفادت منصة إعلامية إسرائيلية على “تلغرام”، بأنّه في مناطق مختلفة من “شمالي إسرائيل، ووسطها”، تتم “عمليات حماية” محددة، بشأن مواقع إستراتيجية.
وفي سياق ذي صلة، أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أنّه جرى اليوم توزيع هواتف تعمل بواسطة الأقمار الصناعية على الوزراء، خشية استهداف شبكات الاتصالات في “إسرائيل”.
المستشفيات في حالة تأهب
ووفقاً لموقع “كيبا” الإسرائيلي، أجرى وزير الصحة الإسرائيلي، أورييل بوسو، سلسلة من تقديرات الوضع مع مديري المستشفيات وصناديق الصحة ورؤساء الجهاز الصحي، حيث عُرضت خلال النقاشات، الاستعدادات للطوارئ.
ووجه الوزير بوسو، المعنيين، بحسب صحيفة “معاريف”، الحفاظ على أهبة كاملة، والتحقّق من جهوزية القوة البشرية ومخزون المعدات الطبية، وضمان الاستمرارية الوظيفية في حالة حدوث تصعيد أمني في الشمال.
وعلى الصعيد الصحي أيضاً، أجرت جمعية “نجمة داوود الحمراء”، مناورة تهدف إلى التعامل مع حرب محتملة في الشمال، مع سيناريوهات عتمة، بحسب صحيفة “معاريف”.
وأضافت الصحيفة أنّ “هيئة طوارئ” في “إسرائيل” دعت المستوطنين إلى التزوّد بالمؤن والمياه والموادّ الطبّيّة والأدوية الضروريّة وأجهزة اتصالات يمكن تشغيلها حتى في حال انقطاع التيار الكهربائي.
وفي تقرير لها، نُشر اليوم الجمعة، أشارت صحيفة “إسرائيل هيوم”، إلى حصول تهافت في “إسرائيل” على شراء مولدات كهربائية، بحيث أُفيد بأنه في شبكة “مخازن قطع كهربائية”، حصل ارتفاع بضعفين ونصف في وتيرة بيع مولّدات كهربائية ومحطّات طاقة كهربائية متنقلّة على الموقع التجاري للشبكة، خلال اليومين المنصرمين.
ونقلت الصحيفة عن نائب مدير عام تطوير أعمال في شبكة “مخازن قطع كهربائية”، ليرون كاتس، قوله إنّه يُلاحظ “ارتفاعاً في المبيعات منذ حادثة مجدل شمس يوم السبت الماضي، وقد تعاظم الأمر بعد عمليّات الاغتيال”.
البلديات وتوجيهات خاصة للمستوطنين
من جهته، أشار مراسل شؤون الشمال في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يائير كراوس، إلى أنّ السلطات المحلية في الشمال تُجري منذ أيام تقييمات للوضع مع كافة الجهات الأمنية على خلفية احتمال أن يكون ردّ حزب الله شديداً واستثنائياً.
وأضاف كراوس أنّه في المجالس الإقليمية المجاورة للحدود اللبنانية، التي أخليت معظم مستوطناتها من مستوطنيها، صدرت توجيهات بتقليص النشاطات في المنطقة، ومنع “الجيش” الإسرائيلي المزارعين من الاقتراب من حقولهم وأراضيهم المجاورة للحدود.
كراوس لفت إلى أنّه في مناطق لم تُخل بعد، كالمجلس الإقليمي “ماتيه أشير”، تقرر تقليص التجمعات وإغلاق المسابح وملاعب الرياضة والحدائق وروضات الأطفال.
كما تقرر في مدينة عكا البعيدة نسبياً عن الحدود، إلغاء الفعاليات الشبابية.
القناة “12” الإسرائيلية، نقلت عن رئيس بلديّة “ريشون لتسيون” (الواقعة في وسط فلسطين المحتلة)، راز كينستوليخ، تأكيده أنّ البلدية اتخذت قراراً برفع درجّة التأهّب في المستوطنة، وألغت حفلات الجمهور في الأماكن المفتوحة.
صحيفة “معاريف” أشارت إلى أنّ سلطات محلية في وسط “إسرائيل”، (وليس فقط في شمالها) بما فيها “ريشون لتسيون”، أعلنت أنها فتحت الملاجئ، “خوفاً من رد حزب الله”.
ولفتت منصة إخبارية إسرائيلية إلى أنّ بلدية القدس المحتلة أيضاً وجهت تعليمات لمستوطنيها بضرورة الاستعداد لحالة الطوارئ.
مدير شعبة الأمن والخدمات الطوارئ في بلديّة حيفا، يئير زيلبرمان، أشار، في مقابلة مع القناة “12” الإسرائيلية أيضاً، إلى أنّهم في البلدية انتقلوا إلى “مركز إدارة الأزمات”، وهو مكان محصّن تحت الأرض، ومنه تتم إدارة النشاط البلديّ كلّه.
وفي ظل ارتفاع منسوب القلق لدى الجمهور الإسرائيلي، تحدثت قناة “كان” الإسرائيلية، في تقرير لمراسلتها، آنا بينس، عن خروج القليل من الناس فقط من منازلهم، في منطقة الوسط، وعلى الأقل في “تل أبيب”، حيث ظهر أنّ معظم الشوارع، و”برج عزرائيل”، فارغة نسبياً من الناس، بسبب وجود خوف معيّن عند الناس.
مراسل القناة “14” الإسرائيلية، بوعاز غولان، تحدث عن تلقي السلطات المعنية في منطقة حيفا و”هكريوت”، وكذلك الحال في قيادة الجبهة الداخلية في “الجيش” الإسرائيلي، “آلاف الاتصالات من الناس يسألون فيها أسئلة مختلفة تدل على حالة الخوف والقلق التي تصيبهم.”
ولفتت صحيفة “معاريف” إلى أنّه تمّ توسيع أوامر تقليص نطاق النشاط في المصانع في “شمالي إسرائيل”، من مسافة 4 كيلومترات من الحدود إلى مسافة 40 كيلومتراً.
كما أوعزت قيادة الجبهة الداخلية، بحسب الصحيفة، إلى المصانع (الواقعة ضمن هذا المدى) والتي لديها مواد خطيرة بإفراغها، أو تقليص الكميات التي لديها كإجراء وقائي.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على التفاصيل قوله إنّه من المرجح جداً أن تضطر المصانع التي انضمت إلى القائمة الحالية بعد توسعتها، إلى “تقليل كمية الأمونيا والمواد الخطيرة التي لديها”.
وبعد هذه الإجراءات، قرر مصنع بوظة كبير في عكا، يُدعى “شتراوس”، وقف العمل مؤقتاً، لأنّه يستخدم مادة الأمونيا (الخطيرة).
فوضى الرحلات الجوية
ولفت موقع “كيبا” الإسرائيلي، إلى أنّه في “إسرائيل” تجري استعدادات واسعة النطاق لرد مهم من حزب الله وإيران، وأضاف أنّه في مطار “بن غوريون”، يستعدون للرد و يحذرون من تأخير متوقع في الرحلات.
وفي هذا السياق، قالت المتحدثة باسم سلطة المطارات إنّ بعض شركات الطيران الأجنبية “تؤجل و/أو تخفض بعض رحلاتها إلى إسرائيل لأسباب داخلية خاصة بها. لذلك على المسافرين أن يأخذوا في الاعتبار أنّ عودتهم إلى إسرائيل قد تتأخر”.
وبدورها، أفادت القناة “12” الإسرائيلية أن “أكثر من 25 ألف اسرائيلي عالقون حالياً في الخارج”.
وفي تقرير نشره موقع قناة “مكان” الإسرائيلية، ورد أنّ طائرة تابعة لشركة “لوفتهانزا” الألمانية كانت في طريقها إلى مطار “بن غوريون” هبطت في قبرص، بسبب رفض طاقمها إكمال الرحلة إلى “إسرائيل”، ومن ثم عادت إلى ألمانيا.
كما ورد في التقرير أنّ رحلة لشركة الطيران النمساوية من فيينا إلى مطار “بن غوريون” عادت أدراجها قبل الهبوط، على خلفية التوتر الأمني.
وأبلغ القبطان المسافرين أنّه بسبب الوضع الأمني، تمّ توجيه الطائرة إلى بلغاريا، لتعود بعد ذلك إلى فيينا.
قناة “مكان” أشارت أيضاً إلى أنّ شركات عديدة ألغت رحلاتها إلى “إسرائيل”، من بينها شركات إماراتية وأميركية وهندية.
شلل متوقع للحياة الاقتصادية
ونشر مراسلا الشؤون الاقتصادية في موقع “كالكاليتس” الإسرائيلي، يوفال ساديه وشلومو تايتلباوم، مقالاً تحت عنوان “الخشية من حرب شاملة يدخل الإقتصاد الإسرائيلي في دوامة من إنعدام اليقين”، أشارا فيه إلى أنّ عمليتي الإغتيال (في بيروت وطهران) أدخلتا “إسرائيل” في حالة تأهب قصوى، وجعلتها تستعد لسيناريوهات حرب بكثافة مختلفة، لها تأثير حتى على الساحة الإقتصادية.
ولفت المراسلان إلى أنّ “إسرائيل” الرسمية “تمتنع عمداً” عن نشر توقعات إقتصادية، لاحتمال “حدوث تدهور أمني كبير”، على الرغم من أنّ توقعات الاقتصاد الكلي الأخيرة الصادرة من بنك “إسرائيل” في تموز/يوليو الماضي، تُفيد بأنّ توسيع القتال، أو التصعيد إلى قطاعات إضافية (خصوصاً في الشمال)، أو إنضمام كبير لجهات إضافية إلى المعركة، قد يؤدي إلى “تعطيلٍ واسع النطاق للعمال والمشاريع وإلحاق ضرر ببنى تحتية وقنوات تجارية خارجية (كمسارات الملاحة) مما قد يلحق ضررا كبيرا بالنشاطات الإقتصادية، وزيادة تكاليف التموين والأمن”.
وفي هذا السياق، قال مسؤول كبير في المؤسسة الأمنية لـ”كلكاليست”، إنّ المؤسسة الأمنية قدّرت التكلفة المباشرة لسيناريوهات مختلفة لمعركة في الشمال، بما في ذلك تجنيد احتياط وتكاليف مرتبطة بها، لكن كل الأرقام التي تعتمد عليها المنظومة الاقتصادية، لن تكون ذات صلة، لأنّه سيتم تعطيل الحياة بشكل كبير في كل مناطق “إسرائيل”، بما فيها “غوش دان” (الوسط).
وفي حوار أجراه معه موقع “كالكاليست”، حذر الباحث الكبير في معهد أبحاث “الأمن القومي”، وعضو “الكنيست” سابقاً، عوفر شيلح، من أنّه في حرب شاملة مع حزب الله، تغطي كل “دولة إسرائيل” وجزئها الشمالي بشكل كبير جداً، “لن يكون لدى إسرائيل رد على ذلك”.
وأضاف: “ليس لدينا قبة حديدية بالكميات التي تحمي حيفا من صليات تضم مئات الصواريخ في اليوم، والتي ستُحدث دماراً هائلاً. تأثير هذا هو شلل في الحياة الاقتصادية، حتى في ما يتعلق بتجنيد الاحتياطيين وبالخوف من الخروج من البيت، حياة في الملاجئ كما لم نعهدها”.
كما لفت إلى أنّ هناك سؤال عمّا سيحصل بعناصر الاحتياط الذين تقصف منازلهم خلال تواجدهم في الاحتياط، ناهيك عن “استنزاف غير مسبوق” لعناصر الاحتياط في الوحدات المقاتلة.
وتابع: “إنّها أمور لم يشهدها الاقتصاد الإسرائيلي، إنّه ثمن باهظ جداً ومن غير المؤكّد أنّ لغة نمو سلبية لهذا الناتج هي لغة ذات صلة لوصف هذا الواقع”.