صوت البلد للأنباء –
في الوقت الذي لم تعلن فيه دولة الاحتلال الإسرائيلي رسمياً وقوفها خلف اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في بيروت، الليلة الماضية، إلا أن إسرائيل تتوقع رداً قوياً من قبل حركة حماس على الاغتيال، فيما تثار تساؤلات بشأن الرد الذي سيأتي من طرف حزب الله اللبناني، ولا سيما أن عملية الاغتيال تمت على الأراضي اللبنانية وأن الأمين العام للحزب حسن نصر الله كان قد هدد في الماضي برد قوي في حال تمت أي عملية اغتيال على الأراضي اللبنانية.
وكتب المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل أن رد حماس على اغتيال العاروي متوقع، ولكن السؤال هو عما إذا كان حزب الله سيرد أيضاً.
ويعتقد الكاتب بأن الاغتيال سيقود إلى رد شديد من قبل حماس، سيأتي بالأساس من الأراضي اللبنانية، مضيفاً أن السؤال الأساسي كيف سيرد “حزب الله”، الذي تمت عملية الاغتيال في “ملعبه البيتي”.
ويرى الكاتب أن لبنان كان ساحة الاغتيال، ذلك أن إسرائيل غير معنية بالتصعيد أمام تركيا واغتيال قيادات من حماس على أراضيها، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن قطر تشكل حالياً وثيقة تأمين لكبار المسؤولين في حماس الموجودين على أراضيها، كونها تلعب دوراً في المفاوضات من أجل التوصل إلى صفقة أسرى جديدة.رهان على حياة الأسرى
وأضاف أن المسؤولين الإسرائيليين سعداء على الأرجح بهذا الاغتيال وأن “هذه الفرحة مفهومة”، لمكانة العاروري ودوره، ومن جهة أخرى، فإن هذا “الاغتيال فيه رسالة لقادة حماس بأن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بشأن استئناف عمليات الاغتيال جادة وقابلة للتنفيذ، ورسالة إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أنه حتى بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإن إسرائيل ما زالت تعرف كيف تخترق قلب الضاحية في بيروت”.
وبرأيه، فإن من قرروا اغتيال العاروري يفترضون أنه سيكون هناك رد قوي سواء من قبل حماس أو من قبل حزب الله، مضيفاً “لا أعتقد أن أحداً من متخذي القرارات في إسرائيل يؤمنون بأن الاغتيال سيقود إلى مرونة أكبر في مواقف حماس”.
وأضاف: “رغم أن احتمالات التوصل إلى صفقة كانت ضئيلة قبل عملية الاغتيال في بيروت، ولكن بما يتعلق بحياة المختطفين الإسرائيليين، فإن كل تأخير قد يكون مصيرياً وإن كل اغتيال قد يؤدي لاغتيال بالمقابل. وليس من السهل الاعتراف بذلك ولكن قرار الاغتيال ينطوي على رهان على حياة المحتجزين والأيام ستكشف عما إذا كان الرهان صحيحاً”.
كما أن اغتيال العاروري ليس جيداً، برأي الكاتب، للمفاوضات التي تديرها في الأسابيع الأخيرة الولايات المتحدة وفرنسا في لبنان وهي مفاوضات حثت عليها إسرائيل على أمل التوصل إلى تسوية دبلوماسية تمنع حرباً واسعة وتتيح للسكان العودة إلى منازلهم، كما أن ذلك تسبب في إلغاء زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن هذا الأسبوع إلى إسرائيل.
وخلص الكاتب إلى أن استشهاد العاروري ورفاقه قد يمس على المدى القصير بنشاط حماس في بيروت، ولكنه لن يغيّر الواقع، لأن حماس هي منظمة أكبر من الشهداء المحتملين وحتى من السنوار.
ويعتقد الكاتب بأنه “لا شيء طبيعي أكثر من الرغبة بالانتقام من المسؤولين عن قتل الكثير من الإسرائيليين ولكن عمليات الاغتيال تُختبر ليس فقط بالضربة التي يتلقاها العدو، ولكن في ما يمكن لخطوة كهذه أن تقود إليه”
“الإنجاز الأهم”
وقال الصحافي يوسي يشواع، في “يديعوت أحرونوت”، إنه إذا صحت التقارير التي تنسب العملية لإسرائيل، فإن الأخيرة تكون “قد حققت الإنجاز الأكبر منذ بداية الحرب على المستويين الاستخباراتي والعملياتي”. وأضاف أن “هذه هي الضربة الأصعب لحركة حماس منذ 2012 الذي شهد اغتيال أحمد الجعبري في بدايات عملية عمود السحاب”.
واعتبر الكاتب أن “الرهان هذه المرة كبير، والسؤال المطروح هو عما إذا كان حزب الله يرى بالعملية ذريعة لشن حرب واسعة تتجاوز حدود القصف المتبادل منذ نحو 90 يوماً”.
وتابع “الأوضاع تغيّرت، فقبل نحو نصف عام، كان حسن نصر الله واضحاً جداً بأن أي عملية اغتيال على أرض لبنان، بما في ذلك اغتيال شخصية فلسطينية سيقود إلى رد قوي، كما أن الردود التي وصلت من لبنان يوم أمس كانت شديدة، ولكن من جهة أخرى، فإن حزب الله دفع ثمناً بمقتل نحو 140 من عناصره منذ 7 أكتوبر بالإضافة إلى نحو 100 ألف نازح من جنوب لبنان. وبالمقابل، لديه إنجاز وهو مقتل 15 إسرائيلياً والتسبب بنزوح نحو 100 ألف آخرين من المناطق الشمالية القريبة من الحدود، بالإضافة إلى تدمير العديد من المباني في معسكرات للجيش الإسرائيلي”.
وبرأي الكاتب، فإن حزب الله في حيرة من أمره بشأن كيفية الرد، وفي جميع الحالات فإن لديه القدرة على التسبب بأضرار كبيرة لإسرائيل من خلال ترسانة الصواريخ الدقيقة التي يمتلكها والتي تصل إلى مسافات طويلة لم تكن معهودة في حرب لبنان الثانية.
في الصحيفة نفسها، رأى الصحافي آفي يسخروف أن اغتيال صالح العاروري هو الاغتيال الأهم لمسؤول كبير في حركة حماس منذ بداية الحرب الحالية في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وأضاف أنه “لم يتضح بعد كيف سيرد حزب الله، في حال قام بالرد أساساً”، معتبراً أن نصر الله أعلن أنه لا يريد حرباً شاملة وبالتالي سيضعه هذا الاغتيال في وضع صعب.
واعتبر الكاتب أن نصر الله “يقف على مفترق طرق ليس سهلاً، على خلفية الانتقادات التي طاولته من الفلسطينيين في غزة ومن كبار المسؤولين في حماس”، بسبب حجم المعارك مع إسرائيل، “ومن جهة أخرى، فإن عملية الاغتيال تمت في مناطق حزب الله في الضاحية، أي في ملعبه البيتي، وعليه، فإن الأمر محرج جداً بالنسبة له. بالمقابل، هنالك أصوات في لبنان تطالبه بعدم المس بمصالح لبنان فقط من أجل الحفاظ على مصالح حماس”.
ويرى الكاتب أن اغتيال العاروري يشكل ضربة قوية لحركة حماس، وإن كانت إسرائيل هي التي تقف وراءها، “فهذا دليل على أنها تطبّق وعودها باستهداف رؤساء الحركة في كل مكان يكونون فيه، حتى في الضاحية، مع هذا، فإن العملية لن تمس بالجهود الحربية لحركة حماس في غزة”.