صوت البلد للأنباء –
أسامة الرنتيسي
تسجيل صوتي لسيدة (مش معروف قرعة أبيها مين) تدعو الأمهات إلى عدم إرسال أبنائهنّ وبَناتِهنّ إلى المدارس خَوفًا من التطعيم الذي ستنفذه وزارة الصحة بالتعاون مع وزارة التربية لأطفالنا في المدارس. وفيديو بصوت مُدّعٍ أنه خبير يزعم أن حملات التطعيم العالمية هي مؤامرة على الأجيال القادمة، أمَعقولٌ أن تخرط هذه الطُّرَّهات أدمغة كثير من الأردنيين، بحيث لا يرغبون فعلا بإرسال أبنائهم إلى المدارس خوفا من التطعيم.
لِمَ يصدق الناس هذه الخزعبلات، بينما نجد علماء ومختصين – من وزن الدكتور فراس هواري ونذير عبيدات وبسام الحجاوي وعادل وهادنة – يتحدثون بعلم ومعرفة وخبرة، يجدون صعوبة في إقناع الناس لتغيير ما يفكرون به.
من يصدق أن دولة أو وزير صحة أو خبيرا في منظمة الصحة العالمية من الممكن أن يوافق على إعطاء مطعوم لأبناء شعبهم قد يتسبب في إصابتهم بأمراض ومضاعفات خطيرة أخرى.
أيُعقل أن ثقافة العوام التي انتشرت عن المَطاعيم في فترات كثيرة ما زالت حاضرة في عقول مثقفين ومتعلمين.
أيُعقل أن بيننا من يتحدث حتى الآن عن اللعب في الجينات، وموت المُطَعَمين كلهم بعد عامين، وعن مؤامرة الخلاص من كبار السن.
أكررها للمرة الألف؛ للمطاعيم في الأردن حكايات تروى، فهل تتذكرون قصة حبة الفيتامين في عام 2003 التي قررت الحكومة إعْطاءَها لأبنائنا الطلبة بعد دراسة بينت سوء تغذية أطفالنا، خاصة من هم في العشر سنوات الأولى من أعمارهم.
أتذكر يومها أنه حصل اجتماع على مستوى عال مع أصحاب شركات الأدوية الذين تبرعوا مشكورين بكميات كبيرة من الفيتامينات يوزعها المعلمون إلى طلبة المدارس، في الطابور الصباحي.
يومها؛ ثار أصحاب عقول المؤامرة، ونشروا أفكارهم مشككين بحبة الفيتامين التي ستعطى لطلبة المدارس، وأن لهذه الحبة مخططات خبيثة وراءها “إسرائيل”، وأن كل من يتناول هذه الحبة سيصاب بالعقم.
أنتشرت هذه الخزعبلات بين الناس كالنار في الهشيم، ورفض أغلبية الأهالي إعطاء أبنائهم حبة الفيتامين، حتى وصل الأمر إلى أن الطالب كان يأخذ الحبة ويُخفيها في جيبه ليتخلص منها بعد ذلك.
يومها بادرنا مجموعة من الكُتّاب والصحافيين إلى دحض هذه الرواية البائسة، ونَبّهْنا الأهالي إلى ضرورة تشجيع أبنائهم لأخذ حبة الفيتامين، وعاتَبنا مؤسسات المجتمع المدني خاصة الأحزاب التي وقفت صامتة إزاء هذه الخرافات.
في أيام الكورونا ظهرت أشكال عديدة من الآراء والمواقف، هناك من يؤمِن حتما أنّها حملات بيولوجية، للقوتين الاقتصاديتين الكبيرتين في العالم أمريكا والصين ونحن فئران يجرون علينا تجاربهم.
وهناك من نشر فيديوهات ومعلومات تظهر أَنّ الكورونا ليست جديدة اعتمادا على فيديو بث في فيلم أو جاء تحقيقا في مجلة، أو أغنية ذكرت كلمة كورونا.
باختصار؛ أظن – إن بعض ظن إثم – أن كل ما يجري هو صراع بزنس وشركات مستفيدة أو غير مستفيدة من المطاعيم وبيعها، ولها رواد ومروجين لهذه الأفكار والخزعبلات لضرب حالة الاطمئنان لدى عقليات البشر.
بالأمس خرج برلماني كويتي يشكك في المطاعيم واتهم منظمة الصحة العالمية بالفساد وأنها أكبر مؤسسة فاسدة في العالم، طبعا هناك كثيرون اشتروا هذه الرواية وروجوها.
الدايم الله…