صوت البلد للأنباء –
الخلاصة واضحة بالمدلول السياسي للجولة التي قام بها الوفد الوزاري العربي الإسلامي في الولايات المتحدة دون مكسب أو فائدة ترجى، بعدما عاد بخفي حنين، وأخفق في إقناع الجانب الأمريكي بوقف إطلاق النار والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
تلك خلاصة سياسية يمكن استنتاجها فورا من التصعيد اللفظي والدبلوماسي على لسان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الذي غادر واشنطن إلى قطر للمشاركة في منتدى الدوحة الذي خصص للعدوان.
الصفدي عكس ضمنيا خيبة أمل بلاده التي تشتم رائحة سيناريو التهجير مجددا لسكان قطاع غزة، وهو أمر سبق للأردن أن اعتبره علنا ولعدة مرات بمثابة “إعلان حرب” على المملكة.
قالها الصفدي بوضوح عندما أشار إلى أن أهداف إسرائيل في العدوان أبعد من المعلن، ثم تحدث بصراحة عن “مجهود ممنهج لإفراغ قطاع غزة من سكانه”.
حصل ذلك بعد قصف مقر مستشفى الميداني العسكري الأردني في خان يونس بقنابل دخانية. وصدر بيان عسكري أردني يشير لعدم تسجيل إصابات مادية أو بشرية.
قنابل الدخان كانت رسالة بامتياز من الإسرائيليين، ورد الصفدي قائلا بأن إسرائيل تتحدى العالم وترتكب جرائم حرب.
لكن في الغرفة الدبلوماسية الأردنية، وبعد مواجهة شرسة باسم الوصي الهاشمي ضد مسيرة المتطرفين الخميس الماضي، حساباتٌ أكثر قناعة بأن الإدارة الأمريكية بدأت تضلل الدول العربية. فما سمعه الوفد الإسلامي الوزاري في واشنطن، أقرب إلى مقايضة تعتبر أولوية الرئيس بايدن وطاقمه بأن تقويض حركة حماس ونزع سلاحها وإخراجها من المعادلة هدف خارج نطاق المساومة مهما تكلف الأمر.
عبارة “مهما تكلف الأمر” هي التي توحي ضمنا في الحسابات الأردنية، بأن شبح التهجير السكاني لا يزال يطل برأسه في قطاع غزة، وبأن الدعم الأمريكي غير المحدود وغير المنطقي للجيش الاسرائيلي في عدوانه، يدفع باتجاه الضغط على الدولة المصرية.
عمّان وفي خلية الأزمة، وقبل تصريحات الصفدي الخشنة في الدوحة، ناقشت تقدير الموقف السياسي الميداني، واعتبرت أن انتقال العمليات العسكرية بشكل دموي وهمجي إلى جنوب قطاع غزة بعد نزوح ما لا يقل عن مليون فلسطيني من شمالها، مؤشر مباشر على تفويض أمريكي قد يدعم التهجير.
لذلك طالبت عمّان خلف الكواليس، القاهرة بالعمل على تنسيق موقف أكثر صرامة لجمهورية مصر يحبط سيناريو التهجير بوضوح.
لا أحد يعلم كيف يمكن لمصر أو الأردن خوض مواجهة ثانية مع سيناريو التهجير في ظل المعاناة والأزمة الإنسانية.
لكن ما تلمح إليه تصريحات الصفدي على الأقل، هو القناعة بأن الأمريكي يعلن إعلاميا فقط وقوفه ضد التهجير، بينما يسمح للإسرائيلي بإجراءات عسكرية لا يمكن فهمها إلا في سياق السعي لترحيل السكان، وأهمها في الدراسة الأردنية العميقة رصد حالات التعذيب الجماعية للمدنيين الفلسطينيين واعتقالهم بطريقة مذلة، والهجوم على مراكز الإيواء ومدارس وكالة الأونروا، خلافا للقصف العنيف بالاتجاه المعاكس لوعود الأمريكيين على مخيمات القطاع.
لذلك يتحدث الصفدي عن مجهود ممنهج لتفريغ السكان. والمقاربة يبدو أنها مع الجولة الثانية في الحرب تصبح أكثر تعقيدا، خصوصا وأن عضو الكنيست الدكتور أحمد الطيبي، تقدم بالبلاغ الإخباري علنا لصالح الأردنيين، عندما لفت النظر إلى نجل رئيس وزراء إسرائيل يائير نتنياهو، الذي عاد لنشر الخريطة الشهيرة للوزير المتطرف بتسلئيل سموتريتش، على منصته الإلكترونية مع تعليق يقول: “الأردن هو فلسطين”.
ويعني ذلك أن عائلة نتنياهو تتقاطع عمليا الآن مع ما سمي بالمجهود الممنهج.