صوت البلد للأنباء –
في العلاقات العاطفية، توجد الكثير من الأمور الشائكة التي تحتاج لمعالجة دقيقة، وتتطلب المزيد من الفهم لطبيعة شريك الحياة.
في كتابه “الرجال من المريخ والنساء من الزهرة”، يفترض د. “جون جراي”، أن الرجال والنساء، يعيش كل منهما، في عالمين تختلف معايرهما تماماً. ثم حدث التقاء العوالم المختلفة!
فـ”المريخي” الذي يعرف الإنجاز والاستقلالية كوسائل للسعادة، و”الزُهرية”، التي تزدهر من خلال المشاركة والحميمية، التقيا على كوكب الأرض.
رغم الاتفاق على التعايش وقبول الاختلافات، إلا أن الكثير من الرجال والنساء، من آن لآخر، يحن كل منهما إلى كوكبه ويتناسى طبيعة الآخر.
في هذا المقال، سنتناول ظاهرة انسحاب بعض الرجال من العلاقة.
في الكثير من الأوقات، تشعر المرأة بانسحاب الرجل من العلاقة بدون مقدمات أو مبررات، وتصفه بأنه غير مهتم أو ما عاد يحبها أو يسمعها، لأنه لا يتحدث معها.
كيف تفرق المرأة بين التفسيرات المختلفة لانسحاب الرجل؟ هل هو في “الكهف”؟ هل هو في “مرحلة الانسحاب”؟ هل هو في “مرحلة التشكك”؟ هل قرر إنهاء العلاقة؟
الكهف الذكوري
بعد يوم مجهد ممتلئ بالضغوط والمشاحنات، يبحث الرجال والنساء عن الاسترخاء؛ لكن لكل منهما طريقته الخاصة.
في الوقت الذي تحتاج فيه النساء إلى الحديث عن أدق تفاصيل مشكلاتها للتخلص من الضغط النفسي، يتقوقع الرجل ذاهباً إلى “كهفه” للتركيز على مشكلاته.
في “الكهف”، يتعايش الرجل مع الضغط النفسي ويبحث عن حلول لمشاكله، من خلال قراءة جريدة أو متابعة مباراة.
في “كهفه”، يكون عاجزاً عن تحرير عقله، ويصبح غير مؤهل ليعطي المرأة الانتباه والمشاعر التي تتلقاها عادة.
بعكس المرأة، تحت الضغط الشديد، لا يلجأ الكثير من الرجال إلى البوح و”الفضفضة” كما تفعل أغلب السيدات.
مرحلة الانسحاب
يبدو الرجل وكأنه غير راغب بالمرة في شريكته. المربك في الأمر، أنه في بداية العلاقة، يكون نفس هذا الرجل مليئاً بالرغبة والشوق.
يغرق حبيبته بالحب والاهتمام ليترك لديها انطباعاً قوياً؛ يشبعها، ويرضيها، فتفتح له قلبها ليقترب أكثر فأكثر. يعيشان معاً أياماً وأسابيع وأشهر من العسل، ثم فجأة ينسحب، وكأنه أشبع جوعه للحب، وقرر أن يغادر بلا رجعة.
تشعر شريكته بالذعر! تجري خلفه! تظن أنها ارتكبت خطأً جسيماً وأنه لن يعود أبداً.
ربما يعبر عن انسحابه، الذي ربما لا يعرف سببه أو تفسيره، بأن يقول “أحتاج إلى قضاء بعض الوقت بمفردي” أو ربما لا يرد على هاتفها.
لكن الأمر ليس كما يبدو. طبقاً لـ”دورة المحبة الذكورية” كما يعرفها د. “جون جراي”:
“يبدأ الرجال في الشعور بحاجتهم للاستقلال والحرية بعد أن يشبعوا حاجتهم إلى الحب”
يعزو هذا الأمر إلى أن الرجل.
“بدرجة معينة يفقد ذاته عن طريق اتصاله بشريكته أو بإحساسه بمشاعرها، وحاجاتها ورغباتها وعواطفها، والانسحاب يمكنه من إعادة ترسيخ حدوده الشخصية وإشباع حاجته إلى الشعور بالاستقلالية”.
يشبه د. “جراي” هذه الدورة بالحزام المطاطي الذي تقوم الأنثى بجذبه فيتمدد في اتجاهها قدر الإمكان، ثم لا يبقي له مجالاً للتمدد، فيرتد عائداً إلى الخلف.
ما بين القرب والانسحاب تتوالى دورة الحب عند الرجل.
هل العلاقة انتهت
الحب ثقافة
مرحلة الشك أو القلق الفطري قبل الارتباط
يقسم د. “جون جراي” العلاقة إلى خمسة مراحل، هي على الترتيب: الانجذاب، الشك، التفرد، الألفة ثم الارتباط.
في بداية العلاقة، وبعد انتهاء مرحلة الانجذاب بجمالها وشغفها، يشعر الرجل بعدم التأكد، أو الشك، من أنه اختار الشريكة المناسبة.
فجأة يقف، وتقف العلاقة، ويتساءل بجدية هل يستمر؟ هل يبحث عن خيارات أخرى؟ هل هناك من هي أنسب له؟
قد تقع المرأة في خطأ ملاحقته بشدة، فينفر منها، ولا ينتقلا بعدها إلى مرحلة التفرد، التي يقرر فيها أن يتبادل الحب معها بشكل حصري ثم يألفان بعضهما ويرتبطا بالفعل.
قرار إنهاء العلاقة
هناك رجل، عندما يتخذ قرار إنهاء العلاقة، يصارح شريكته بكل هدوء – وجسارة؛ وهناك رجل، يتبع سياسة الانسحاب البطيء و”الحدق يفهم”.
للأسف في هذه الحالة، قد لا تفهم المرأة أن هذه العلاقة على وشك الانتهاء. تظن أنه في “الكهف” أو أنه في “مرحلة الانسحاب” أو أنه “متشكك”.
إذا لم تملك المرأة الشجاعة لتسأله مباشرة إذا كان يريد إنهاء العلاقة، عليها أن تمتنع عن ملاحقته … وتنتظر!
تعتبر العلاقات من الأمور المربكة بالنسبة للـ”مريخي”، لأنه بفطرته يحتاج للاستقلالية. إن لم يحصل على المساحة ليبتعد، سيصبح أكثر غضباً وسلبيةً، وملاحقة “الزهرية” له تضر بالعلاقة – وبكرامتها.
لا تلاحقيه! انتظري! سيعود أكثر حباً وشوقاً بعد عودته من كهفه وانسحابه. أما في مرحلة الشك، فالتزمي الحكمة القائلة:
“إذا أردت شيئاً بقوة، فأطلق سراحه. إن عاد إليك، فهو ملكك للأبد، وإن لم يعد، فهو لم يكن لك من الأصل.”