صوت البلد للأنباء –
لا يبدو أن الدعم الأمريكي لدولة الاحتلال في عدوانها على غزة يقتصر على الأسلحة والقنابل والمعدات، بل تعدى ذلك إلى قوات أمريكية على الأرض تقاتل بجانب جيش الاحتلال المتوغل في القطاع.
تتبع تصريحات المسؤولين العسكريين الأمريكيين والأخبار من أرض المعركة، تؤكد هذه الأخبار، أهمها كان أمس الأحد عندما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، عن مقتل خمسة جنود أمريكيين الجمعة عندما سقطت طائرة كانت تقلهم في البحر المتوسط خلال التزود بالوقود أثناء تدريب عسكري.
وذكرت القيادة العسكرية الأمريكية في أوروبا في بيان، أن عمليات البحث والإنقاذ بدأت عقب الحادث مباشرة بمشاركة طائرات وسفن تابعة للجيش الأمريكي كانت على مقربة من المكان، وأن الحادث قيد التحقيق للوقوف على أسبابه، مبينة أنها لن تكشف عن أسماء القتلى قبل الانتهاء من إخطار أقاربهم.
وبحسب البنتاغون فإن القيادة التي تتولى العمليات العسكرية الأمريكية في أوروبا وأجزاء من الشرق الأوسط لم تبلغ عن الحادث إلا بعد مرور 24 ساعة.
يتزامن الحادث مع احتدام المعارك في مناطق شمال غزة، التي تتكبد فيها القوات الإسرائيلية خسائر فادحة.
ورغم نفي واشنطن عدة مرات مشاركة القوات الأمريكية في العدوان على غزة، إلا أن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، أكد منتصف الشهر الماضي أنه لا يستبعد إمكانية مشاركة القوات الأمريكية بعمليات فى إطلاق سراح الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية.
شهادة من الميدان
قال شاهد عيان فلسطيني نزح من مناطق شمال غزة، إنه شاهد جنودا وضباطا أمريكيين عندما توغلت قوات الاحتلال في منطقتهم شمال غزة.
وذكر الشاب في مقابلة مع قناة الجزيرة، أنه تكلم مع القوة التي كانت تحاصر منازلهم، حيث كان جنودها يضعون العلم الأمريكي على بزاتهم العسكرية.
تحولوا إلى “أشلاء”
أواخر الشهر الماضي فجر المستشار السابق في وزارة الدفاع الأمريكية دوغلاس ماكغريغور، مفاجأة عندما كشف عن مقتل عدد من القوات الخاصة الأمريكية في غزة، في الـ 23 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، خلال اشتراكها مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في محاولة اقتحام للقطاع.
وقال ماكغريغور، خلال مقابلة تلفزيونية: “لقد ذهب بعض من قواتنا الخاصة الأمريكية والإسرائيلية إلى قطاع غزة للاستطلاع وتحديد السبل الممكنة لتحرير الرهائن، وتم إطلاق النار عليهم وتحويلهم إلى أشلاء”.
ووفقا لماكغريغور، فإن القوة العسكرية الأمريكية وصلت إلى “أضعف نقطة لها في التاريخ الحديث”، وبالتالي فإن البلاد “ليست مستعدة للتورط أكثر في صراع واسع النطاق”.
في ذات الوقت أعلنت كتائب القسام، أن مجموعة من مقاتليها أوقعت قوة من الاحتلال حاولت التسلل شرق خانيونس في كمين محكم، وأوقعت قتلى وجرحى في صفوفها، وتمكنت من تدمير جرافتين ودبابة، وأجبرت القوة على الانسحاب.
من جانبها كشفت قوات الاحتلال عن وقوع قتلى وجرحى خلال محاولة التسلل الفاشلة، لكن لم يعرف بعد ما إن كانت القوة الإسرائيلية المشار إليها مشتركة مع قوات أمريكية.
قوات على الأرض
منتصف الشهر الماضي أكد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، أن الولايات المتحدة لديها “أشخاص على الأرض”، سيساعدون السلطات الإسرائيلية “بالاستخبارات والتخطيط” للعمليات المحتملة التي تنطوي على جهود إنقاذ الرهائن.
وأضاف أوستن، أن “البنتاغون لديه خلية اتصال في دولة الاحتلال تعمل مع قوات العمليات الخاصة الإسرائيلية، حيث تستطيع الولايات المتحدة نشر موارد أخرى بسرعة في المنطقة”.
تصريحات أوستن تطابقت مع حديث مسؤولين أمريكيين، عن إخطار الجيش الأمريكي لنحو 2000 جندي بالاستعداد لمهمة محتملة لدعم دولة الاحتلال، عندما كانت تتجهز للعملية البرية.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين قولهم، إن القوات التي تم اختيارها للمشاركة في المهمة تتمركز حاليا داخل الشرق الأوسط وخارجه، بما في ذلك أوروبا.
وأوضحت الصحيفة أنه ليس من الواضح تحت أي ظروف يمكن للولايات المتحدة نشر القوات أو أين سيتم نشرهم، لكن قرار البنتاغون يشير إلى أنه يستعد لدعم القوات الإسرائيلية في حالة قيام دولة الاحتلال بشن هجوم بري على غزة.
وقال المسؤولون إن القوات مكلفة بمهام مثل تقديم المشورة والدعم الطبي، وهم من مختلف فروع القوات المسلحة الأمريكية، ولا ينوي الجيش الأمريكي تكليفهم بدور قتالي، حيث لم تتلق أي من وحدات المشاة أوامر بالاستعداد للانتشار.
قوات الدلتا
أعلن البنتاغون عقب عملية طوفان الأقصى، وصول قوات “دلتا فورس” الأمريكية إلى الأراضي المحتلة، حيث تختص هذه القوات بتنفيذ مهام معينة، وسبق أن نفذت عملية استهداف وقتل زعيمي تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وتنظيم الدولة أبو بكر البغدادي.
وقال المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر، إن قوات أمريكية خاصة معنية بتحرير الرهائن، وصلت إلى دولة الاحتلال، وفقا لما نقلت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية.
وبحسب الهيئة الإسرائيلية فإن رايدر أفاد بأن إرسال حاملة طائرات أمريكية إلى شرق المتوسط، تُعد “رسالة ردع لحزب الله وإيران لعدم التدخل في الحرب”، مشيراً إلى أن لدى هذه الحاملة “قدرات تجسس ورصد وقدرات على الرد”.
وذكر أن واشنطن ستترك في المنطقة مقاتلات F-35، وستعزز مقاتلات F-16 وF-15 لضمان إتاحة مختلف الخيارات، وفق تعبيره.
وتعرف “قوات دلتا”، رسميا بأنها قوة العمليات الخاصة الأولى للقوات الخاصة-دلتا، وهي إحدى وحدات المهام الخاصة الأمريكية، التي تركز بشكل أساسي على مهمة مكافحة “الإرهاب”، كما أنها وحدة انتقائية وسرية للغاية، تعمل تحت قيادة العمليات الخاصة المشتركة، بحسب موقع “ميليتري” العسكري.
وأكد الموقع أن قوة دلتا تعتبر قوة العمليات الخاصة الأكثر تدريبا في الجيش الأمريكي، وهي موجهة خصيصا للقتل أو القبض على أهداف ذات قيمة عالية أو تفكيك الخلايا المسلحة.
من جانبها، ذكرت مجلة “ذا ناشيونال إنترست”، “أن دولة الاحتلال تحتاج الوحدة بسبب خبرتها الطويلة بعمليات إنقاذ الأسرى، حيث ستقدم دلتا المشورة لوحدة استطلاع هيئة الأركان العامة أو “سايريت ماتكال”، وهذه هي وحدة المستوى الأول التابعة للجيش الإسرائيلي، التي تحافظ على علاقة وثيقة جدا مع قوة دلتا”.
وترى المجلة، “أن العدد الهائل من الأسرى الإسرائيليين في يد حركة حماس، يعني أن القوة “سايريت ماتكال” ستحتاج إلى المساعدة”.
ونقلت المجلة عن مصادر مطلعة قولها؛ إن واشنطن وضعت قوات العمليات الخاصة الأمريكية في حالة تأهب في دولة أوروبية مجاورة.
وأضافت، “أن المصادر وصفت هؤلاء الجنود بأنهم (منفذو الأبواب)، الذين يمكنهم القيام بجهود الإنقاذ بأنفسهم، إذا أمروا بذلك”.
حشود عسكرية
منذ السابع من الشهر الماضي أرجأت قوات الاحتلال فرار التوغل البري في غزة عدة مرات، آخرها في 23 تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، إذ قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، إن “تل أبيب” وافقت على طلب واشنطن تأجيل الدخول البري إلى قطاع غزة حتى وصول قوات أميركية إضافية إلى المنطقة.
وأضافت الإذاعة أن الولايات المتحدة أبلغت دولة الاحتلال أنها تعتزم إرسال قوات أميركية إضافية إلى الشرق الأوسط استعدادا للمناورة البرية، وذلك خوفا من تزايد الهجمات الإيرانية ضد قواتها في المنطقة.
وعقب عملية طوفان الأقصى أرسل البنتاغون الآلاف من القوات الأمريكية للشرق الأوسط، كما حرك القطع البحرية الأمريكية نحو المتوسط دعما لعدوان الاحتلال ضد غزة.
وتضم التحركات، نشر حاملتي طائرتين والسفن المرافقة لها وتحمل على متنها 15,000 جندي، إلى جانب القوات البرمائية التي قوامها 4,000 جندي من مارينز وبحار وزيادة غير محددة من أسراب المقاتلات العسكرية المنتشرة في أنحاء الشرق الأوسط، إلى جانب ألفي جندي للدعم وستكون جاهزة في عدد من الأيام، وفق “واشنطن بوست”.
وقالت الصحيفة: “إن وزير الدفاع لويد أوستن وجه بضرورة تمديد وجود البارجة البحرية يو أس أس فورد في البحر المتوسط لمدة أطول في الوقت الذي تتجه فيه حاملة الطائرات دوايت أيزنهاور القتالية نحو المنطقة لكي تنضم إليها”.
وقالت صابرينا سينغ، المتحدثة باسم وزارة الدفاع، “إن أهم ثلاث أولويات تسعى الولايات المتحدة لتحقيقها، منع أعداء دولة الاحتلال من الدخول في المعركة، تقديم الدعم الأمني لحليف أمريكي حيوي والحذر الشديد ضد أي تهديد للقوات الأمريكية قد ينتج عن الاضطرابات، وهدفنا الرئيسي هو إرسال رسالة ردع”.
وبينت الصحيفة، “أن قوات المهام الخاصة من المارينز والبحارة اتجهوا على متن البارجية يو أس أس باتان وبارجتين حربيتين أخريين وفرقة مشاة مكونة من 900 جندي ومقاتلات أف-35 وعربات مصفحة وأسلحة أخرى، حيث كانت باتان وبارجة يو أس أس كارتر هول في خليج عمان يوم الإثنين حيث غادرتا الكويت بعد هجوم حركة حماس”.
وذكرت الصحيفة، “أن الولايات المتحدة وعدت بتقديم المزيد من الصواريخ المعترضة لدولة الاحتلال كي تستخدم في القبة الحديدية وكذا قنابل صغيرة وأسلحة موجهة بنظام جي بي أس”.
وفي السادس من الشهر الجاري، وصلت أكبر غواصة نووية أميركية إلى الشرق الأوسط، حيث عبرت، قناة السويس المصرية متجهة إلى شرق المتوسط.
وقالت القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم” إن الغواصة النووية من فئة “يو إس إس أوهايو” وصلت إلى مركز عملياتها في منطقة الشرق الأوسط، لتنضم إلى حاملتي الطائرات الأميركيتين “جيرالد فورد” و”دوايت دي أيزنهاور” اللتين أرسلتا إلى الشرق الأوسط بعد العدوان على غزة.
مشاركة من الجو
أكدت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي للمرة الأولى أنها تُسيّر طائرات استطلاع مسيرة غير مسلحة فوق قطاع غزة.
وذكر المتحدث باسم البنتاغون، الجنرال بات رايدر، أت هذه “المسيرات تحلق فوق القطاع بهدف دعم جهود دولة الاحتلال لاستعادة الرهائن لدى حركة حماس”.
وقال في بيان: “بدأت هذه المسيرات بالتحليق فوق غزة في أعقاب هجوم 7 أكتوبر الذي شنته المقاومة على دولة الاحتلال”.
وبحسب بيان البنتاغون، فإن”الولايات المتحدة تنفذ طلعات جوية بواسطة مسيرات غير مسلحة فوق غزة، فضلا عن تقديم المشورة والمساعدة لدعم شركائنا الإسرائيليين في جهودهم لاستعادة الرهائن”.
يأتي هذا التأكيد بعد رصد مسيرات “إم كيو-9 ريبر” الأمريكية التي عادة ما تديرها القوات الخاصة الأمريكية، وهي تحلق حول غزة.
وسبق أن استخدم هذا النوع من المسيرات في تنفيذ ضربات جوية في أفغانستان واليمن والعراق والصومال، لكنها تستخدم في المقام الأول كمسيرات مراقبة واستطلاع بسبب قدرتها على “التحليق” فوق منطقة ما لساعات عديدة دون توقف.