صوت البلد للأنباء –
في ظل ارتفاع مستمر لاستهلاك التبغ بين سكان الأردن، يطلق خبراء الصحة تحذيرات من كارثة صحية واقتصادية وشيكة، بعد أن كشفت بيانات رسمية أن أكثر من نصف الأردنيين يستخدمون منتجات التبغ المختلفة، مع تصاعد خطير لاستخدام السجائر الإلكترونية بين المراهقين.
في فبراير 2025، أعلن وزير الصحة فراس الهواري أن الأردن يحتل المرتبة السابعة عالميًا في نسبة انتشار التدخين بين الأفراد فوق 15 عاما، حيث بلغت النسبة 36.3%، فيما يستخدم 51.6% من السكان نوعا واحدا على الأقل من منتجات التبغ. وتشكل نسبة المدخنين من الرجال 71.2%، مقابل 28.8% بين النساء، وهو ما يتجاوز المتوسطات الإقليمية والدولية. ورغم حظر التدخين في الأماكن العامة المغلقة وفق قانون الصحة العامة لعام 2008، وفرض عقوبات مالية وسجنية، لا تزال نسب انتهاك القانون مرتفعة، إذ كشف استطلاع وزارة الصحة عام 2025 أن 62% من المشاركين شهدوا تدخينًا في وسائل النقل العام، و44% داخل المباني الحكومية، و33% في مرافق الرعاية الصحية. مخاطر السجائر الإلكترونية
حذر مدير الجمعية الأردنية للرعاية التنفسية، د. محمد الطراونة، من التوسع الخطير في التدخين الإلكتروني بين الشباب، مشيرا إلى تقارير طبية عالمية توثق آلاف حالات أمراض الرئة الحادة المرتبطة بالسجائر الإلكترونية، مثل الالتهاب الرئوي الدهني والتليف الرئوي والنزيف الحويصلي، وضيق التنفس الحاد. وأضاف أن نمو الرئة يستمر حتى سن الخامسة والعشرين، ما يجعل المراهقين أكثر عرضة لأضرار لا رجعة فيها، مع زيادة خطيرة في ظاهرة التدخين المزدوج للسجائر التقليدية والإلكترونية، ما يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض التنفس. خسائر اقتصادية بمليارات الدنانير وأوضح الطراونة أن التدخين يكلف الأردن نحو 1.6 مليار دينار سنويا من الخسائر الاقتصادية، مبينًا أن الفرد يُنفق شهريًا في المتوسط 78 دينارا على السجائر، وهو مبلغ كان يمكن توجيهه لتحسين قطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية. وأكد أن التكاليف الاجتماعية والاقتصادية للتبغ تفوق إيرادات الدولة من الضرائب، نتيجة الحاجة لعلاج الأمراض المزمنة وانخفاض الإنتاجية بسبب المرض والوفيات المبكرة.
نداء عاجل للحكومة والمجتمع
وطالب الطراونة الجهات الرسمية بـ”التحرك السريع والحازم” عبر اعتماد استجابة وطنية شاملة، تشمل حظر التدخين في جميع الأماكن العامة المغلقة وشبه المغلقة بلا استثناء، ورفع ضرائب التبغ بشكل كبير لخفض إمكانية الوصول إليها، خصوصا بين الشباب. كما دعا إلى إطلاق حملات توعية مستمرة تستهدف كافة الفئات العمرية، مع التركيز على مخاطر التدخين السلبي والأضرار الصحية طويلة الأمد، محذرا من أن رفع الوعي وحده لم يعد كافيًا لمواجهة هذه الأزمة.












