صوت البلد للأنباء –
في مشهد أقرب إلى الكوميديا السوداء، ظهر مؤخراً نوع جديد من “المسحراتية” في بعض الأحياء، لكنهم لا يحملون طابع المسحراتي المعتاد، بل يبدون وكأنهم خرجوا للتو من مشهد سينمائي عن عالم المتسولين.
يرتدون ملابس بالية، يعلقون الخواتم والسلاسل التي تكفي لفتح محل خرداوات و تؤكد أنهم ليسوا سوى محترفي استجداء، لكن بأسلوب مبتكر.
تبدأ المسرحية بعد منتصف الليل، حين يجتمعون في زوايا الشوارع يحملون طبولاً مستعملة، يضربونها بعشوائية أشبه بغارة جوية، بينما يصرخون بأسماء عشوائية لأناس ربما لم يُخلقوا بعد
أما من يجرؤ على الصراخ من نافذته طلباً للهدوء، فسيجد نفسه مستهدفاً بقرع طبول أشد وأقوى، في تأكيد على أن “الرد متاح ولكن بالتصعيد”!
لكن المدهش ليس هذا فحسب، بل المشهد الصباحي الذي يليه، حيث يتحول هؤلاء الفوضوين إلى “جباة” يجوبون الأبواب، يقرعونها بنشاط مبالغ فيه، ويطالبون السكان بـ”ثمن الخدمة”. والمبرر؟ “لولا نحن، لما استيقظتم للسحور!”. نعم، لا يهم أنك كنت مستيقظاً بالفعل أو أن من أيقظك هو منبه هاتفك، أو ربما كابوس من شدة الضوضاء، المهم أنهم “قاموا بالمهمة” ويجب أن يُكافَؤوا!
أما إذا رفضت الدفع، فاستعد لجرعة مضاعفة من العتاب، أو حتى الطبول الليلة القادمة أمام نافذتك حصرياً، في محاولة لإقناعك بأن “الاشتراك في الخدمة” ليس اختيارياً!
هكذا، تتحول مهنة المسحراتي من طقس رمضاني تراثي جميل إلى “مشروع استثماري”، حيث لا يحتاج الأمر سوى طبل، بضعة صرخات، وبعض الجرأة لفرض “الإكراميات الإجبارية”. فهل سنرى قريباً “تطبيقاً إلكترونياً” يسمح لك بالاشتراك في الخدمة مسبقاً، أم أن الدفع عند الباب سيظل القاعدة الذهبية؟
ولا تستغرب إذا تطورت الأمور ووجدت نفسك مطالبًا قريبًا بـ”اشتراك شهري” في خدمة “إيقاظ VIP” مقابل رسوم مضاعفة