«الزواج بدون جنس» ورطة جيل الألفية

صوت البلد للأنباء –

جيل الألفية ليس محظوظا بشكل كافٍ، فقد عاش مشكلات وأوبئة واضطرابات عنيفة، وهناك مشكلة أخرى بدأ صداها يظهر خاصة فى غرف النقاش المغلقة على مواقع التواصل الاجتماعى، وهى شكوى الأزواج من أبناء هذا الجيل من وجود علاقة زوجية تفتقر إلى العلاقة الجنسية، رغم أنه من المفترض امتلاكهم حياة جنسية جيدة بالنظر إلى أعمارهم.

«فى السنوات الأولى من زواجنا كانت لدينا حياة جنسية مذهلة، ومع تقدمه فى السن ووصوله إلى الـ30، لم يعد مهتمًا بالجنس»، كان هذا واحدا من العديد من التعليقات التى نشرت على منصة الوسائط الاجتماعية «Reddit» فى إحدى المجموعات النقاشية، ليمثل واحدة من الحكايات عن تلك المشكلة.

جيل الألفية هم الجيل الأوسط حاليا، ويقدره البعض بين مواليد 1980 حتى منتصف التسعينيات، فيما يذهب البعض إلى أن هذا الجيل يشمل كل مواليد منتصف الثمانينيات والتسعينيات. ورغم أن تلك المشكلة قد تبدو طبيعية بين الأزواج الأكبر سنًا الذين يكافحون للاحتفاظ بالشرارة التى كانت لديهم قبل عقود، إلا أنها تنتشر الآن بين الأشخاص فى أواخر العشرينيات أو الثلاثينيات من العمر.

ويرجع البعض السبب فى هذا الفتور إلى أن الزيجات تضع حدا لحياتهم الجنسية، ورغم أن جيل الألفية فى أوج ذكائهم الجنسى، إلا أن بعض أفراد هذا الجيل حول العالم قد يتراجعون عن ممارسة الجنس، وهو ما تؤكده منتديات جيل الألفية على منصات التواصل الاجتماعى.

وفى دراسة أجريت فى الولايات المتحدة الأمريكية عام 2021 على البالغين من 18 إلى 45 عامًا، أظهرت النتائج أن جيل الألفية كان الأكثر عرضة للإبلاغ عن المشكلات مع الرغبة الجنسية فى العام الماضى بنسبة 25.8%، على عكس الجيل الأكبر الذين كانت نسبتهم 21.2%، فيما كان الجيل الأصغر وهو الجيل Z المتزوجين هو الأقل بنسبة %10.5 فقط. ويقترح المعالجون والباحثون الجنسيون مجموعة متنوعة من العوامل التى قد تفسر زواج جيل الألفية بدون جنس، من مراحل حياتهم الحالية إلى التأثير الكبير للإنترنت، إذ إن هذا الجيل يواجه عقبات غير مسبوقة تحول دون حياة جنسية صحية.

ويرى البعض أن الزواج دون جنس هو عدم ممارسة الزوجين العلاقة الحميمية على الإطلاق لفترة طويلة، ولكن البعض يرى مقياسا آخر، وهو ممارسة الجنس أقل من 10 مرات فى السنة، فيما رأت إخصائية العلاج الجنسى بكلية الطب بجامعة كاليفورنيا أن معدل زواج الجنس المنخفض هو الأقل من 25 مرة فى السنة.

وأكدت أستاذ الطب النفسى التى تعمل معالجًا جنسيًا منذ 30 عامًا أن الأمر كان يستغرق نحو 10 إلى 15 عامًا حتى يتوقف الأزواج عن ممارسة الجنس مع بعضهم البعض، لكنه الآن ربما يستغرق الأمر من 3 إلى 5 سنوات.

وتقول: «قبل 30 عامًا، كان غالبية الأزواج الذين عالجتهم من زواج بلا جنس أكبر من 50 عامًا، وهم يعانون من انخفاض الرغبة الجنسية من التغيرات الهرمونية والأمراض التى تصاحب الشيخوخة، واليوم معظم الأزواج فى الزيجات غير الجنسية يبلغون من العمر 45 عامًا أو أقل».

وأرجعت السبب إلى الإجهاد الذى هو أحد أكبر قتلة الرغبة الجنسية، وجيل الألفية هم مجموعة متوترة بشكل خاص من نواح كثيرة، وذلك مقارنة بالجيل الأكبر، بجانب تأخر حصول جيل الألفية على بعض معالم الحياة، مثل شراء منزل بسبب ارتفاع الأسعار وزيادة الديون بشكل أدى إلى إجهادهم ماديا.

وفى دراسة أجريت عام 2018، أفاد 61% من الأشخاص فى الثلاثينيات بأنهم يمارسون الجنس بشكل أقل مما يرغبون؛ لأن الأطفال الصغار فى الطريق، فيما قال 31% إنهم فقدوا الرغبة الجنسية منذ إنجاب الأطفال.

وكان التوتر أيضا من الدوافع، وكشفت بيانات مايو 2022 من شركة استشارات عالمية جمعت من 5 بلدان، أن 38% من جيل الألفية أبلغوا عن عبء هائل على الصحة العقلية، خاصة بالنسبة للنساء 41% مقابل الرجال 36%، مدفوعًا إلى حد كبير بقلق العمل، فبيئة العمل غير مستقرة ومليئة بالضغوط بسبب أعباء الركود العظيم بالإضافة إلى وباء كورونا والصراعات. وغالبًا ما يؤدى الإفراط فى العمل إلى الإرهاق بجانب المخاوف المالية الأكبر التى تزيد من الشعور بالاكتئاب والقلق وتخلق الضغط الزائد وانخفاض الرغبة الجنسية.

وبالإضافة إلى وسائل التواصل، يتفق الخبراء على أن المواد الإباحية كان لها تأثير كبير على جيل الألفية، وكثير منهم بلغ سن الرشد فى الوقت الذى أصبحت فيه الإباحية متاحة على نطاق واسع عبر الإنترنت، بشكل أصاب بعض الأزواج بمشكلات صحية بجانب الرغبة فى ممارسة الجنس الفردى كما أنهم يرون أن الإباحية أفضل لأنها لا تنتقد أداءئهم أو ترفضهم.

ويرجع الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى، السبب فى ذلك إلى عدة مشكلات يعانى منها جيل الألفية، ليس فقط العلاقة الزوجية ولكن الثقة بالنفس، وكذلك سهولة وصول أبناء هذا الجيل إلى المواد الإباحية التى قد تخلق لديهم الكثير من المشاكل فى العلاقة الزوجية وحدوث اضطرابات بين الزوجين، بجانب معاناتهم من الضغوط.

ويوضح «فرويز» فى حديثه لـ«أيقونة» أن سهولة الحصول على المواد الإباحية وإقامة العلاقات غير السليمة تؤديان لمشاكل خطيرة فى استمرار العلاقة الزوجية بين أبناء هذا الجيل، ويزداد الأمر بسبب صفاتهم الشخصية والسمات المشتركة بينهم، مثل عدم القدرة على تحمل المسؤولية فتزداد فرص الطلاق، موضحا أن الحل هو (تخفيف الضغوط والصراحة بين الزوجين).