صوت البلد للأنباء –
أكد خبراء ان عملية معبر الكرامة “جسر الملك حسين” جاءت في سياق طبيعي نتيجة للانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأشار الخبراء إلى أن خطورة هذه العملية بالنسبة للاحتلال تتركز على المجتمع الإسرائيلي، الذي حاولت حكومته إقناعه بأن المواطن الفلسطيني معزول عن محيطه العربي، وأن الشعوب العربية تركته يقاتل وحيدا في ساحة معركته مع الاحتلال.
وكانت عملية معبر الكرامة قد نفذها سائق شاحنة أردني وهو ماهر الجازي، وأسفرت عن مقتل ثلاثة إسرائيليين، واستخدم في تنفيذها مسدسا أخفاه داخل شاحنته نجح بالمرور به عبر الحواجز الأمنية الإسرائيلية ونفذ عمليته به في الجانب الإسرائيلي من المعبر.
رد طبيعي
الخبير العسكري والاستراتيجي الأردني، الدكتور نضال أبو زيد، قال، إن “هذه العملية تأتي في سياق طبيعي حذر منه الجانب الأردني أكثر من مرة، وجاء ذلك في تحذيرات رسمية وردت على لسان وزير الخارجية أيمن الصفدي بأن ما يجري من انتهاكات وتصعيد إسرائيلي من قبل قوات الاحتلال داخل مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة سينعكس بالتأكيد على ارتفاع حدة العمليات الأمنية، وبالتالي جاءت عملية معبر اللنبي – من الجانب الإسرائيلي – الأحد في هذا السياق”.
وتابع أبو زيد الأمر الآخر أن ما حدث كان في الجانب الإسرائيلي من المعبر في ظل وجود إجراءات أمنية وجمركية وتفتيشية عالية تعتمد أحيانا على الوسائل التكنولوجية والإلكترونية بالإضافة إلى التفتيش اليدوي، الأمر الذي يشير بكل وضوح إلى أن ذلك يُعد اختراقا أمنيا واضحا، نتيجة التراخي الإسرائيلي في الإجراءات الأمنية، وبالتالي فإن كل ما حدث من عمليات جاءت في سياقها الطبيعي الذي حذر منه الجانب الأردني أكثر من مرة”.
وأضاف: “بالتالي أعتقد أننا قد نشهد تصعيد في حدة الخطاب الإعلامي الإسرائيلي، وتصعيد في الإجراءات المتعلقة بالحدود الأردنية الإسرائيلية، وقد يستغلها الجانب الإسرائيلي من أجل الترويج لما كان يتحدث به أكثر من مرة، وهو محاولة فرض واقع أمني جديد على الحدود الأردنية مع الأراضي المحتلة”.
وأوضح أن “الاحتلال كان قد تحدث عن محاولة لتشكيل فرقة جديدة من حرس الحدود ليتم نشرها على الحدود الأردنية، أيضا كان يتحدث عن إجراءات أمنية جديدة للقيام بضبط الحدود مع الجانب الأردني، ومن المتوقع أيضا أن نسمع خطابا متصاعدا من قبل اليمين المتطرف يطالب بإجراءات ضد الجانب الأردني”.
وتأتي هذه العملية في وقت يشن فيه الاحتلال عدوانا عسكريا مكثفا على عدة مدن فلسطينية في الضفة الغربية ومخيماتها، حيث اقتحم مخيمات جنين ونور شمس وطولكرم وغيرها.
كما أنه قام باغتيال واعتقال العديد من الشبان المقاومين للاحتلال، إضافة إلى تخريب وتجريف شوارع هذه المدن وبنيتها التحتية، وقام بكل ذلك بحجة حماية المستوطنين ومنع الهجمات الفلسطينية ضدهم وضد مدنه الداخلية.
لكن على الرغم من قيام الاحتلال بهذه الإجراءات لمنع حدوث هجمات داخلية ضده، وتشديده الأمني على الحدود، إلا أن هذه العملية صدمته، حيث إن الشهيد ماهر الجازي الذي نفذها قدم من الخارج وليس من داخل الأراضي الفلسطينية، ما يطرح تساؤلات عن خطورتها على الاحتلال الإسرائيلي؟
سليمان بشارات الخبير بالشأن الإسرائيلي، قال إن “خطورة العملية بالنسبة للاحتلال تكمن في عدة محاور: أولا، أنها تعني أن الوعي العربي الجمعي ما زال يرفض الاحتلال الإسرائيلي وأنه ينظر إليه على أنه لا يمكن القبول به على الرغم من اتفاقيات التطبيع والسلام”.
و أن “هذه العملية جاءت لتعيد البوصلة مرة أخرى إلى أن القضية الفلسطينية لا تخص الفلسطينيين فقط، وإنما هناك امتداد عربي وإقليمي وإسلامي شعبي تجاه القضية الفلسطينية، وهذا ما يفسر أيضا طبيعة المسيرات التضامنية مع القضية الفلسطينية على مدار شهور الحرب بشكل كامل”.
ويعتقد بشارات أن “المحور الخطير الآخر بالنسبة للاحتلال، أن هذه العمليات يمكن أن تُشكل في لحظة معينة إلهاما لشبان عرب ومسلمين من جغرافيا متعددة، وليس بالضرورة فقط من الجغرافيا المحيطة بفلسطين أو على تماس معها”.
وأكد أن “الخطر الأهم بالنسبة للاحتلال يقع على المجتمع الإسرائيلي نفسه، حيث حاول قادة الاحتلال الإسرائيلي على مدار سبعة وستين عاما من أن يقنعوا الشارع الإسرائيلي بأن معركته ومواجهته الحقيقية هي مع الفلسطيني فقط وأنه يمكن قبول إسرائيل ضمن معادلة الشرق الأوسط”.
من جهته قال الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد: “أعتقد أن السياق الطبيعي هو أن يذهب الجانب الإسرائيلي باتجاه الموافقة على المسار الدبلوماسي ومفاوضات الهدنة ووقف إطلاق النار حتى لا تتصاعد العمليات أكثر من ذلك”.
وتابع منذ تولي اليمين المتطرف إدارة الكيان الصهيوني، لم تكن هناك أبواب مواربة في العلاقة الدبلوماسية بين الأردن وإسرائيل، بل إنه على العكس كان هناك تصعيد ومحاولات تحرش دبلوماسي من قبل الجانب الإسرائيلي بالأردن”.
وأكد أن “هذا التحرش الدبلوماسي الإسرائيلي ظهر في عدة محطات، منها الخارطة التي عرضها وزير المالية سموتريتش والتي أظهرت الأردن كجزء من إسرائيل، بالإضافة إلى محاولة إثارة ملف مناطق غور الأردن التي يحاول اليمين الإسرائيلي السيطرة عليها، وهي خارج سياقات اتفاقية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، وبالتالي فالعلاقة لم تكن رطبة ولم تكن هناك أي محاولات ترطيب من الجانب الإسرائيلي”.
وتابع: “أيضا ظهرت في تصريحات على لسان يسرائيل كاتس وزير الخارجية الإسرائيلي حين نادى بعملية تهجير لأهالي الضفة الغربية، وبالتالي عمليات التهجير تؤطر لما يدور في ذهن اليمين الإسرائيلي من الضغط على الأردن من خلال قضيتين، الأغوار والوطن البديل، أو من خلال استخدام أدوات التهجير، وبالطبع فإن هذه القضايا كلها تُزعج الجانب الأردني، وبالتالي لم تشهد العلاقة الأردنية الإسرائيلية أي محاولات دبلوماسية ناعمة نتيجة حدة تطرف الخطاب الإعلامي الإسرائيلي”.