صوت البلد للأنباء –
فايز الفايز
لست قانونياً ولا أفتي بما ليس به علِم، ولكن قانون العفو العام الذي وجه جلالة الملك الحكومة لتنفيذه كان ينتظره ما لا يقل عن ثلاثة أرباع الشعب الأردني بكافة أطيافه، و قد لا يعرف البعض أن الملك كان ينتظر اللحظة التي يرى فيها وجوب التخفيف عن كاهل المواطنين الذين بدأت طوائف كبرى منهم تغرق في شِباك المديونية أو طرائد للأوامر القضائية، وبهذا التوجيه الرابع لقانون العفو العام عبر السنوات الماضية فقد مدّ الملك يدّاً لتنتشل الغارقين في غياهب السجون أو المطاردين قضائياً ومنح آلاف المواطنين فرصة كي يعيدوا برمجة حيات?م وأوضاعهم المعيشية ومتطلبات عائلاتهم التي وصل عديد منها لحافة الهاوية.
الملك أطلق بيد العطف تفعيل قانون العفو وهو يعلم أن ليس هناك بُدّ من أن يحرّر التقييد المُقيدّ إلى رحاب وحرية الفضّاء وإسناد الأمر لهيبة القضّاء، إذ أوعز للحكومة لمعالجة الأوضاع غير الجُرميّة و الإرهابية حسب المقتضى القانوني للعفو العام، ضمن آلية تراعي مشروع قانون المصلحة العامة و الحفاظ على الحقوق الشخصّية والمدنيّة، دون أي تعارض مع مقتضيات الأمنّ الوطني والسِلم المجتمعي والغاية التي أرادها مشروع القانون لتخفيف الأعباء على المواطنين، ومساعدة من تاه وحادّ عن طريق الحّق وجادة الصواب لصحيح مساره، والمساهمة?في بث روح الإيجابية والتسامح في المجتمع وإشاعة مفهوم العدالة التصالحية.
فهاهي الرسالة التي يريد جلالته أن يوصلها بعد خمس وعشرين عاما، ويشارك فيها هموم المجتمع الأردني ويحارب على جبهات الوطن المنيعّ وعلى طاولة السياسة في الشرق وحتى الغرب، و كان مدافعاً عن الحق العربي والأردني في القدس الشريف والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وهو ينظر إلى ما يجري في فلسطين الحبيبة وغزة وما ذاقت وأهلها من صنوف العذاب والتقتيل والحرق ومنع إيصال الأغذية والمستلزمات العلاجية والتموينية ويوعز إلى الجيش الأردني العظيم لإنزال المساعدات بكافة أشكالها على قطع غزة، وهو أول من ابتكر إيصال المواد والمؤن عبر?الجوّ، ولا يزال.
لقد صبر الملك كثيرا في مراحل سابقة كانت تعاند بعكس التيار ولكنه قاومها جميعا كي يخلق بيئات، وطالب أن ينخرط الطلاب بالمعترك السياسي وبناء جبهة موحدة كي يساند الجميع بعضهم البعض للحفاظ على هيكل الدولة المنيع، حتى بتنا نستطيع القيام بأي نهج جديد يدعم هذا البلد وهذا ما أوجد كافة التفاصيل والمحاور في رؤية الملك الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي أطلقها الملك كما بنى جلالته شراكات مع دول لا تعرف أصلا ما هو قانون العفوّ ولكنها فتحت للملك أبواباً مشرعة للاستفادة من المختبرات والمعامل والمراكز كي يتم تطبيقها ?ي الأردن.
وهذا ما يقدم لنا انموذجا لبلد يقوده ملك استطاع رسم خرائط طريق للوصول إلى الرؤية الشاملة، بعيداً عن العنف والاختلاس والأمراض الاجتماعية و تعاطي المخدرات التي أصبحت أكبر مرض قاتل، و هذه تعرقل مسيرة التقدم والانعتاق نحو عالم جديد كي نزف أطفالنا له ليواكبوا العالم اللا متناهي، ولا أن نحكم عليهم بالسجن المفتوح والبؤس الذي يولد الإجرام والكراهية.
الملك استطاع إحداث ثورة تقدمية منحته سلطة تعريف القيادة للوصول إلى الأهداف المنشودة ومما لمسه خلال مسيرته من مشاريع التحديث في هيكل الدولة بشكل عام لخدمة وطن وشعب وبناء منظومة الإدارة الحديثة وفتح أبواب الابتكارات و مناحي العلوم، وذلل الصعاب ليصبح الأردن وجهةً للكثيرين من الطلاب والمستثمرين وغيرهم، كما بنى جلالته شراكات مع دول لا تعرف أصلا ما هو قانون العفوّ العام.
وهذا ما يقدم لنا انموذجا لبلد يقوده ملك استطاع الصمود على أكثر الجبهات الملتبهة، وقاد بنفسه حملات المساعدات لقطاع غزة، وها هو يمنح العفو الملكي العام كي ندخل مرحلة جديدة نكافح فيها للوصول إلى أكبر مما نستطيع لبلدنا..
كل عام وكل أمهات الأردن وغزة وحرائر العرب بكل شموخهن وعفتهن بخير.