صوت البلد للأنباء –
حينما تتعرض حياة الأمان والسلام لإنقلاب مروع، وتصبح صباحات الهدوء مليئة بالرعب والفزع، يبدأ العالم بالإنحدار إلى عالمٍ من الكوابيس والمأساة، حيث تعرضت إمرأة عشرينية وأم لثلاثة أطفال لهجوم وحشي من زوجها السابق أمام أعين أطفالها، مما خلف فزعاً ورعباً لن يمحى من ذاكرة المنطقة والضحية وأطفالها اطلاقاً.
هذه الجريمة البشعة، أثارت استياءً واسعًا في منطقة سحاب التي تصنف بأنها منطقة عشائرية وعلى منصات التواصل الإجتماعي، حيث باتت الأسئلة تدور حول سبب هذا العنف الأسري الرهيب وكيف يمكن منع حوادث مماثلة في المستقبل.
وفي تفاصيل الجريمة البشعة الكاملة التي روتها شقيقة الضحية وفي صباح يوم الخميس الماضي، كانت تتواجد الضحية إسراء أبو زيد، البالغة من العمر 26 عاماً في منزلها الصغير في سحاب والتي تسكن فيه بالعادة مع والدتها، والتي خرجت إلى السوق في هذا اليوم، ولم تكن إسراء تدري أن هذا اليوم سيحمل لها الرعب والفزع.
إسراء التي إنفصلت عن زوجها قبل 5 أشهر، بعد أن طلقها طلاقاً كاملاً وبالثلاث، رفضت مؤخراً عرضاً بإصرار من طليقها للرجوع إليه، مع علمه أنها محرمة عليه ولا يمكنها الرجوع، لكنه أصر وألح متناسياً التعنيف اللفظي والجسدي المستمر الذي كان يوجهه لها، وقوبل إلحاحه بالرفض القاطع.
وفيما كانت إسراء تستعد لاستقبال أطفالها الذين كانو رفقة والدهم وحان وقت عودتهم، تفاجأت باتصال من شقيقتها “الوسيطة بينها وبين زوجها السابق” تخبرها بأن طليقها يرغب بأخذ الأطفال إلى إحدى المزارع للإستجمام، وأن عليها تحضير الملابس لهم لكي يأخذوها بسرعة، فما كان من إسراء إلا الموافقة والذهاب لتجهيز الملابس لأطفالها لإسعادهم، لكنها لم تعلم أن مكيدة شيطانية أعدت بإحكام لها وتتربص بها.
وعندما دُق الباب وتأكدت إسراء أن أطفالها وصلوا، أدخلتهم وذهبت بهم الى الغرفة لاحضار الملابس، لتتفاجئ وبدون سابق إنذار بدخول زوجها السابق الذي أعد خطته الانتقامية جيداً، وقام بدفعها على الأريكة وألقى أطفالها الثلاث فوقها، ثم قام بألقاء “كيلو” ماء نار عليها وعلى أطفاله، كما روت شقيقتها.
وفي لحظة الفزع والصدمة والغدر، نجحت إسراء ببطولة في إبعاد أطفالها عن ماء النار ودفعت بهم بعيداً عنها، لكن المادة الحارقة أصابت رأسها وجهها وجسدها بحروق بالغة الخطورة، ولم تكن الوحيدة، حيث أصيب أحد أطفالها بإصابات طفيفة بسبب تطاير ماء النار عليه.
بعد فعلته البشعة، لاذ المجرم عديم الرحمة بالفرار، تاركًا العائلة في حالة من الفزع والصدمة، وسمعت الجارة الصوت وصرخات الألم وهرعت لمكان الجريمة، لتصدم بما رأته وتقوم بإستدعاء سيارة الإسعاف التي نقلت إسراء إلى مستشفى البشير في حالة بالغة الخطورة.
وفيما تواصل كوادر الأمن العام المختصة تحقيقاتها للقبض على الجاني الفار وتقديمه للعدالة، تطالب عائلة إسراء بإيقاع أقصى عقوبة على طليقها المجرم، وتناشد جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا في علاج إسراء نظراً للحروق الشديدة والخطيرة التي تعرضت لها، التي وعلى اثرها فقدت البصر في إحدى عيناها وتحتاج إلى زراعة قرنية ولا ترى بوضوح بالعين الثانية، ولحاجتها الى الكثير من عمليات التجميل نتيجة ذوبان جلدها وبشرتها في رأسها ووجهها وجسمها، مشددين على ضرورة حماية النساء والأطفال من جرائم العنف الأسري.
ووسط أنين الأم ودموع الأطفال، تبقى إسراء أبو زيد محاصرة بين ذكرياتها الجميلة برفقة أطفالها وآلام جراحها الحارقة، وتتلاشى آمالها في استعادة حياتها الطبيعية، ففي كل نظرة غير واضحة تطلقها بعينها المصابة بصعوبة بالغة على أطفالها، تتساءل إسراء عما إذا كانت ستكون قادرة على القيام بأبسط واجباتها كأُم، والعيش بحياة آمنة كأبسط انسان مجدداً.
جريمة العنف الأسري المروعة هذه، تعيد إلى الأذهان العديد من الجرائم من نفس النوع، التي أثارت صدىً واسعاً، وستلفت الانتباه إلى مشكلة العنف الأسري التي تعتبر تحديًا اجتماعيًا كبيرًا يستدعي التدخل الفوري والجاد من قبل السلطات والمجتمع المحلي فبل وقوع ضحية أخرى، وستثير نقاشًا واسعًا حول حماية النساء والأطفال من العنف الأسري، وضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لمنع ومعاقبة المرتكبين بأشد العقوبات الرادعة.