صوت البلد للأنباء –
نشرت صحيفة “التايمز” مقالا لروجر بويز، أشار فيه إلى أن أزمة البحر الأحمر بسبب عمليات جماعة أنصار الله “الحوثي” اليمنية، تذكر بأزمة السويس في منتصف القرن الماضي، معتبرا أن “الحوثيين يمسكون بالاقتصاد العالمي في قبضتهم”.
وقال في المقال إن الأمن كان مشددا أكثر من اللازم في “دافوس” بسويسرا، وربما “لأن فلسا وقع” (أي فهموا ما كان عليهم فمهمه من قبل) بالنسبة للنخبة الاقتصادية: أصبحت العولمة عقيدة المؤتمر في مرمى الهدف. وحقيقة أن الحرب في كل مكان وتنتشر في معظم المنطقة ومحولة كل نقطة اختناق بحرية إلى محور خطر محتمل، إغلاق نقل الحبوب الأوكرانية إلى الدول النامية. ثم هناك الخطر الدائم من الحشود البحرية الصينية في آسيا.
وأضاف أن هذا لا يعني أن المشاركين في دافوس يعيشون منذ نصف قرن في فقاعة ثلجية، فهم يلوكون الحديث عن أثر الحرب في الشرق الأوسط على أسعار النفط والإرهاب، واستثمروا في الطائرات الخاصة، بحيث إنهم يستطيعوا الطيران بأمان إلى جبال الألب بدون خوف من الاختطاف، وعبروا عن قلق من الأنظمة المراوغة التي تسيطر على المصادر المعدنية العالمية.
إلا أن هذا العام مختلف، فعالم “دافوس” المقام بعناية بدأ يفهم أن الحوثيين في اليمن يحتفظون باقتصاد العالم في أيديهم مقابل فدية من خلال ضرب القوارب العابرة لمضيق باب المندب. وزادت كلفة نقل سفن الحاويات والسفن التجارية من آسيا إلى أوروبا وحولت طرقها إلى رأس الرجاء الصالح. وزادت أسعار التأمين للمرور عبر البحر الأحمر، بحسب المقال.
وأشار الكاتب إلى أن “تجار الجملة تحدثوا عن نقص في المواد، ولا تزال هناك قدرة فائضة، وأنها قليلة في أسواق النفط والحاويات، لكن الإشارات عن تفاقم الأزمات التي قد تقود إلى أزمة سياسية وتحولها إلى ركود اقتصادي، فالاقتصاد الألماني ينكمش وقد يتبعه الآخرون. وتتخمر أزمة البحر الأحمر منذ وقت طويل، وهناك نقص في الماء والنفط في اليمن، وهو بلد فاشل منذ سنين. وكان نقطة انطلاق لعائلة ابن لادن، أرضا طبيعية للتجنيد لابنها الضال أسامة. ولوقت معين فقد بدا الفرع اليمني مستقبل “القاعدة”. وقد كان مدفوعا بالغضب والمهندسين الذي تعلموا كيفية تفجير الطائرات. وبعد ذلك ضرب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان اليمن بالطائرات، لكنه فشل في تحويله إلى بلد جار موال. ولم تهزمهم القنابل التي أمطرت على الحوثيين الذين دعمتهم إيران. ولم تكن أثرى دولة في العالم العربي قادرة على تدجين أفقرها”.
ولفت إلى أن “الحوثيين طوروا قدراتهم العسكرية التي دعمها الحرس الثوري الإيراني وهم مدربون من حزب الله، وشنوا أسرابا من الطائرات ضد المنشآت النفطية السعودية. وهذا يفسر سبب عدم انضمام الرياض إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الحوثيين في البحر الأحمر وتأمين التجارة فيه وقناة السويس”.
لقد عاد الحوثيون ولكن حكماء “دافوس” والجميع قرروا تجاهلهم، فدماغ دافوس له مدى تذكر تاريخي قصير. فهل يتذكرون السويس 1956؟ معظمهم لم يكونوا ولدوا حين ذلك. وكانت تلك الأزمة مهمة في تغيير خطوط الصدع لعالم كان في مرحلة انتقالية، بحسب كاتب المقال.
ولفت الكاتب إلى أن “الأزمة بدأت عندما أمم جمال عبد الناصر قناة السويس لتشديد الحصار على إسرائيل، وأصدرت بريطانيا وفرنسا تحذيرا نهائيا له، وبخاصة أن القناة هي أقصر طريق من البحر المتوسط إلى المحيط الهندي، وجزء من سلاسل الإمداد الاستعمارية، لكنه رفض وأغرق سفنا. وتم الضغط على فرنسا وبريطانيا من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي حيث تراجعتا”.
وأشار إلى أن “أزمة الخمسينيات كانت هي أزمة متقاطعة؛ وإعادة لتشكيل الحرب الباردة بين أمريكا والإتحاد السوفييتي، ولم يتدخل أحد عندما سحقت الانتفاضة الهنغارية في عام 1956، إلى جانب حرب باردة بين الدول العربية وتصاعد في القومية العربية والتوتر الدائم بين الدول العربية وإسرائيل”.
وقال إن “الموازاة بين العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين وتلك الأزمة ليست تامة وتعتمد على من سينتخب للرئاسة الأمريكية. وإذا حدثت حرب باردة، فستكون في ظل دونالد ترامب، وقد تكون بين واشنطن وبكين. ولو حدث، فستكون نقطة الاختناق البحري هي مضيق ملقة. ولكن أزمة البحر الأحمر، تترك أثرها على التجارة الصينية مع أوروبا. وظهر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي يوم الثلاثاء في دافوس، حيث ناشد الغرب باتخاذ خطوات قوية ضد النفط الروسي”.
وأضاف أن “معضلة زيلينسكي هي أنه يطالب الغرب بإلحاق آلام اقتصادية ضد روسيا وتقديمها في الوقت نفسه كقوة منكمشة يمكن التغلب عليها. ولا يزال المشاركون في دافوس قلقين حول ما سيحدث في حال فتح المجال فلاديمير بوتين لشيء أسوأ من هذا. ومثل هنغاريا 1956، فإنه يمكن للغرب أن يحرف نظره ويقبل أن أوكرانيا تنتمي بطريقة أو بأخرى لعالم التأثير الروسي”.
وعلى صعيد التوتر بين الدول العربية والاحتلال، فقد أشار الكاتب إلى أنه “ليس سهلا ولا يمكن مقارنته بعام 1956، والكثير يعتمد على الطريقة التي ستستخدم فيها إيران أخطبوطها، وجماعاتها الوكيلة التي استخدمتها طهران للمواجهة وممارسة الضغط على إسرائيل والداعمين لها. وقال غرانت شابس، وزير الدفاع البريطاني في خطاب له هذا الأسبوع إن العالم يتحول من عالم ما بعد الحرب إلى عالم ما قبل الحرب العالمية الثانية. وهو أمر يستحق المناقشة على قمة جبال سويسرا”.