صوت البلد للأنباء –
منذ بداية حربها على غزة بعد إطلاق كتائب القسام عملية طوفان الأقصى، دأبت إسرائيل على بث وترويج أكاذيبها بشأن الحرب، في محاولة منها لتحسين صورتها التي حرصت، منذ قيامها قبل 75 عامًا، على تضخيمها وتخويف شعوب المنطقة منها.
وأصابت عملية طوفان الأقصى، دولة الاحتلال بحالة هيستيريا لم تعرفهما من قبل، إذ كانت على وشك إتمام صفقات تطبيع مهمة في المنطقة، والقيام بمشاريع اقتصادية عملاقة مع بعض جيرانها برعاية أمريكية خالصة، إلا أن الطوفان أخذها على حين غفلة من أمرها، وزلزل صورتها التي رسمتها لنفسها بالقوة والتفوق العسكري والاقتصادي وحتى السياسي.
ولأنها تعتمد على ما تصوره للعالم عن نفسها، فقد حطمتها عمليات المقاومة الفلسطينية، وفنّدت أسطورة جيشهم الذي لا يقهر، واخترقت جدارها الأمني المنيع على قطاع غزة، وأسرت وقتلت المئات من جنودها، وأصابتها الصدمة بتعطُّل في رأسها، فراحت تكشف عن وجهها الحقيقي والعنصري والهمجي، وبدأت حربًا لا هوادة فيها على غزة، حيث تدك وتدمر وتقصف المباني والمستشفيات وأطبقت حصارها على سكان غزة، بهدف تهجيرهم قسرًا أو القضاء عليهم، أو حتى يبتلعهم البحر كما تمنوا قبل سنوات.
الأكذوبة الأولى
حرصت إسرائيل منذ بداية المعركة على تحقيق انتصار فوري وسريع، لاستعادة الألق لصورتها التي زلزلتها عمليات المقاومة، وفي أولى أيام الغزو البري، ادعت دولة الاحتلال أنها حررت جندية كانت محتجزة لدى المقاومة، وراحوا يروجون في كل مكان لانتصارهم المزعوم، قبل أن تخرج الحقيقة إلى النور.
فبعد ساعات من ادعاء الاحتلال تحرير أسيرة من أيدي المقاومة، تبيّن أن الأسيرة لم تكن محتجزة عند حماس، ولم تكن على قوائم المحتجزين التي أعدها جيش الاحتلال، ولم يعرف ذووها أنها أسيرة لدى حماس، رغم استغاثتهم بالجيش، وفق ما نشرته والدة الأسيرة المزعومة.
كانت المجندة التي زعم جيش الاحتلال أنه حررها من أيدي المقاومة، محتجزة عنده بسبب ترك المجندة لمكانها في مناوبتها العسكرية، وفق ما ذكرته والدتها. كما أضافت أن جيش الاحتلال لم يرسل لها كما أرسل لذوي المحتجزين لدى حماس من الجنود أو المدنيين، ليتبين لاحقًا، أن الاحتلال عقد صفقة من الأسيرة المزعومة، وهي أن تخرج على الناس زاعمة أن الجيش حررها من أيدي المقاومة، مقابل أن العفو عن عقوبتها بسبب تخلفها عن المناوبة الليلية.
الأكذوبة الثانية
أكذوبة أخرى يروج لها جيش الاحتلال في معرض تبريره قصف المستشفيات والمؤسسات الصحية داخل قطاع غزة، وهي أن المقاومة تتخذ من المستشفيات درعا واقيًا لها، وإن أنفاقًا للمقاومة تحت هذه المستشفيات، ولذا فهي تقصف مستشفيات غزة وتحاصرها بدباباتها وأسلحتها الثقيلة.
كما تمنع وصول الوقود إلى المستشفيات، وتمنع أيضًا دخول أي شخص أو خروجه منها، كما تفعل الآن مع مجمع الشفاء الطبي، أكبر مستشفيات قطاع غزة وفلسطين كلها.
وأمس الاثنين، نشر جيش الاحتلال مقطع مصورًا في الطابق السفلي من مستشفى الرنتيسي في غزة، يشرح فيه مجند إسرائيلي كيف أن المقاومة كانت تستخدم هذه المستشفى كأماكن لاحتجاز للأسرى، وأظهر جدولاً معلقًا على الحائط، فيه أيام الأسبوع، زاعمًا أن هؤلاء أسماء المقاومين، وأن هذا هو جدول مناوبتهم.
والفيديو الذي نشره المتحدث باسم جيش الاحتلال، دانييل هاجاري، زعم أن نفقًا بجانب المستشفى يؤدي إلى المستشفى نفسه، إلا أن الفيديو سرعان ما انكشف زيفه، وتبيّن أن ما يدعي الاحتلال أنه نفقًا لم يكن إلا محض مصعد، حيث ظهر في الغرفة التي صورها الاحتلال لوحة التحكم في المصعد، وفي النفق المزعوم تظهر الأجزاء التي تستخدم في المصاعد مثل السكك والمجرى الذي يسري في المصعد.
وهكذا سرعان ما اكتشفت الأكذوبة، وأثارت سخرية النشطاء في منصات التواصل الاجتماعية، حيث ظهرت أدلة الاحتلال الواهية، وأكاذيبه المرجفة، بشأن استخدام المقاومة للمستشفيات، واتخاذها درعًا لحمايتها.
الأكذوبة الثالثة
ومن بين الأكاذيب التي روجها الاحتلال أيضًا، هي سوء المعاملة التي يلاقيها الأسرى من كتائب القسام، حيث جندت وسائل إعلامها لترويج الأكاذيب بشأن المعاملة السيئة، زاعمين أن الأسرى يقاسون سوء المعاملة وشدة التعذيب في أماكن احتجازهم عند المقاومة.
لكن هذه الكذبة لم تدم طويلًا، حيث أفرجت المقاومة عن أسيرة مسنة، خرجت في مؤتمر صحفي مع أبنائها، وقالت إن أفراد المقاومة كانوا وديدين مع الأسرى ووفروا لهم الأدوية والفحص الطبي، وحرصوا على توفير كل شيء، كما أن طبيبًا كان يلازم المحتجزين، كما أن طبيبًا آخر معه ممرض، يأتي كل يومين أو ثلاثة لفحص المحتجزين وتقديم الأدوية لهم كتلك التي كانوا يحصلون عليها في إسرائيل.
وبعد انتشار حديث المرأة العجوز، التي أفرجت عنها المقاومة، حاولت إسرائيل تغيير الرواية والتشويش عليها، واتهمت المسنة بالخرف وعدم الوعي، حيث استضافت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أبناء العجوز، وحاولوا الضغط عليهم، لاتهام والدتهم بالخرف والنسيان، لكنهم أقروا بما قالته والدتهم عن المعاملة التي لاقتها من عناصر المقاومة، وفندت أكاذيب الاحتلال عن المقاومة.
الأكذوبة الرابعة
وفي سياق الفبركة والكذب الذي يروجه الاحتلال، نشرت سلطات الاحتلال مقطع فيديو زعمت أنه داخل إحدى أنفاق المقاومة، حيث أظهر الفيديو كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة، زاعمة أنها اقتحمت النفق وسيطرت على المكان، إلا أنه سرعان ما انكشف زيف هذه الرواية.
فقد قامت صفحة “إيكاد” المتخصصة في التحقق والكشف عن الأخبار، بكشف زيف الفيديو وبيان حقيقته، موضحة أن الفيديو نشرته حسابات إسرائيلية في نهايات أغسطس 2023، أي قبل بداية المعارك، ولم تنشره حسابات رسمية للاحتلال، وكشفت أن حسابات عبرية تنتقد الفيديو، وأن هذا لا يمكن أن يكون مستودع أسلحة أو نفق.
الأوكذوبة الخامسة
كذبة أخرى روج لها الاحتلال وداعموه بقوة، حيث نشر الدبلوماسي الإسرائيلي والمتحدث باسم رئيس حكومة الاحتلال أوفير جندلمان، فيديو على حسابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي زعم فيه أن “الفلسطينيين يخدعون الرأي العام ووسائل الإعلام، ويمثلون أنهم يصابون من قصف طيران الاحتلال” حسب زعمه.
وزعم جندلمان في المقطع الذي نشره عبر حسابه، أن القصف الإسرائيلي لا يستهدف المدنيين، متهمًا الفلسطينيين “بتلفيق إصاباتهم”.
إلا أن وكالة “رويترز” تحققت من الفيديو الذي نشره المسؤول الإسرائيلي وتبيّن أنه ليس حقيقيًا، بل مأخوذ من كواليس فيلم صور في لبنان سابقًا لإلقاء الضوء على الحرب في غزة.
وعلّق مخرج الفيلم اللبناني محمود رمزي على المسؤول الإسرائيلي، مؤكدًا أن الفيديو عبارة عن مقطع من خلف الكواليس لفيلم قصير صور في لبنان في أكتوبر الماضي، وأن الفيلم القصير أُنتج تكريمًا لنضال مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين انتزعت منهم حياتهم.
الأكذوبة السادسة
كذب وفبركة روج لها الاحتلال وداعموه، على المنصات الاجتماعية، حيث نشرت حسابات إسرائيلية مقطع فيديو لممرضة قيل إنها داخل مستشفى الشفاء، وهي في حالة فزع وهلع، ادعت أن عناصر المقاومة هاجموا المستشفى وسرقوا الوقود والدواء، مما أدى إلى تعثر معالجة المرضى والقيام على رعايتهم.
ونشرت المقطع حسابات رسمية إسرائيلية، وفي مقدمتها “إيدي كوهين” الصحفي الصهيوني المعروف، إلا أنه تبين لاحقًا زيف الفيديو، حيث ظهر أن لهجة الممرضة غير عربية.
وأعلن الصحفي “يونس الطيراوي” أنه تواصل مع أطباء داخل مستشفى الشفاء، موضحًا عبر منشور على “إكس”: “تحدثت للتو مع العديد من الأطباء والممرضات من مستشفى الشفاء، وأجابوا جميعًا في بيان: لا نعرف هذه المرأة، ولم تعمل هنا من قبل ولم نرها أبدًا في المستشفى”.
هكذا تحترف إسرائيل حبك الأكاذيب وترويجها، محاولة بذلك تبييض صفحتها أمام العالم، ولا سيما دول الغرب، الذي يدرك ببطء عبء إسرائيل وتكلفتها الباهظة، ويقدم لها الدعم المطلق وغير المشروط، ويساعدها على ترويج أكاذيبها، واتهام المقاومة بالإرهاب، ليظهروا بذلك ازدواجية معاييرهم، وتمييعهم للقيم التي يدّعون تبنيها والمحافظة عليها.