يُعتبر الطلاق من أكثر القضايا الاجتماعية حساسية في العالم العربي، حيث يزداد انتشاره عامًا بعد عام، مثيرًا نقاشات واسعة حول أسبابه ونتائجه. ورغم أن التركيز غالبًا يكون على الجوانب القانونية أو الاقتصادية، إلا أن الجانب الجنسي يُعد من أكثر المجالات تأثرًا بالطلاق، سواء بالسلب أو الإيجاب.
الأرقام تكشف عن ظاهرة متنامية
بحسب تقارير المحاكم الشرعية، ارتفعت نسب الطلاق في العديد من الدول العربية خلال العقد الأخير:
في مصر: وصلت النسبة إلى 40% من الزيجات تنتهي بالطلاق خلال أول 5 سنوات.
في السعودية: سجّل عام 2022 أكثر من 57 ألف حالة طلاق، بزيادة 12% عن العام السابق.
في الأردن: أظهرت الإحصاءات أن ثلث حالات الزواج الجديدة تنتهي بالطلاق المبكر.
هذه الأرقام تعني أن مئات الآلاف من الرجال والنساء في المنطقة يختبرون تأثير الطلاق على حياتهم الجنسية بشكل مباشر.
الجنس قبل الطلاق: فتور ورغبات مكبوتة
غالبًا ما يسبق قرار الطلاق فترة طويلة من المشاكل الزوجية التي تنعكس على العلاقة الجنسية. ففي دراسة لبنانية، قال 62% من الأزواج المطلقين إن حياتهم الجنسية كانت شبه منعدمة خلال آخر عامين من الزواج.
ويرى الخبراء أن هذا الفتور ليس نتيجة غياب الرغبة فحسب، بل أيضًا بسبب تراكم الخلافات العاطفية والنفسية التي تجعل ممارسة الجنس واجبًا ثقيلًا بدلًا من أن تكون متعة.
بعد الطلاق: حرية جنسية أم عزلة؟
الطلاق يفتح أمام المطلقين مسارات مختلفة تمامًا فيما يتعلق بالجنس:
الرجال: تشير دراسة كويتية إلى أن 54% من الرجال المطلقين شعروا بزيادة في رغبتهم الجنسية بعد الطلاق، معتبرين أن التحرر من القيود الزوجية أتاح لهم فرصة خوض علاقات جديدة.
النساء: على الجانب الآخر، أظهرت دراسة مغربية أن 31% من النساء المطلقات بدأن حياة جنسية أكثر نشاطًا بعد الطلاق، بينما قالت 44% منهن إنهن أصبحن أكثر تحفظًا بسبب الضغوط الاجتماعية والخوف من الوصمة.
الطلاق والرغبة الجنسية
على المستوى النفسي، يمكن للطلاق أن يكون محفزًا أو مثبطًا للرغبة:
بعض الدراسات الأمريكية أشارت إلى أن 40% من المطلقين يدخلون في فترة يُطلق عليها “شهر العسل الجديد”، حيث تزداد الرغبة الجنسية نتيجة البحث عن شريك جديد.
في المقابل، يعاني آخرون من انخفاض الرغبة بسبب الاكتئاب أو الشعور بالذنب، خصوصًا في المجتمعات التي تُحمّل المطلقة أو المطلق مسؤولية الفشل بالكامل.
المطلقات والجنس في العالم العربي
المرأة المطلقة تواجه وضعًا أكثر تعقيدًا. ففي مجتمعات كثيرة، يُنظر إليها بريبة إذا مارست حياتها الجنسية بحرية بعد الطلاق.
تقول الدكتورة “ليلى منصور”، أخصائية علم النفس الجنسي:
“المرأة المطلقة في العالم العربي تعيش صراعًا مزدوجًا؛ فهي من جهة تمتلك رغبة طبيعية في الممارسة، ومن جهة أخرى تخشى من الوصمة الاجتماعية إذا عُرفت بذلك.”
ومع ذلك، بدأت بعض النساء المطلقات يكسرن هذا الحاجز، خاصة في المدن الكبرى، حيث تزداد نسبة العلاقات غير الرسمية بعد الطلاق.
الطلاق والخيارات الجديدة
أدى انتشار تطبيقات المواعدة الرقمية إلى فتح الباب أمام المطلقين والمطلقات للتعارف بسهولة. تقرير لموقع Tinder عام 2022 أشار إلى أن 22% من مستخدميه في الشرق الأوسط مطلقون يبحثون عن علاقات جنسية أو عاطفية جديدة.
كما ساهم الإنترنت في تغيير المفاهيم، حيث أصبح الحديث عن “الجنس بعد الطلاق” أكثر وضوحًا بين الأجيال الشابة، بعيدًا عن القيود التقليدية.
التأثيرات الصحية والنفسية
الصحة النفسية: دراسة أردنية أظهرت أن 37% من المطلقين عانوا من أعراض اكتئاب أثرت على رغبتهم الجنسية.
الأمراض المنقولة جنسيًا: مع ارتفاع العلاقات غير الرسمية بعد الطلاق، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن المطلقين أكثر عرضة بنسبة 25% للإصابة بأمراض جنسية إذا لم يستخدموا وسائل الحماية.
هل يمكن للطلاق أن يحسن الجنس؟
المثير أن بعض الخبراء يرون أن الطلاق قد يكون بداية لحياة جنسية أكثر صحة، خصوصًا إذا كان الزواج السابق مليئًا بالفتور أو العنف.
ففي دراسة أمريكية نُشرت عام 2020، قال 46% من المطلقين إن حياتهم الجنسية بعد الطلاق أفضل من فترة الزواج، لأنهم أصبحوا أحرارًا في اختيار شريك متوافق جنسيًا وعاطفيًا.
الخلاصة: الجنس بعد الطلاق بين التحرر والقيود
الطلاق في العالم العربي لا يقتصر على الجانب القانوني، بل يمتد ليشكل نقطة تحول عميقة في الحياة الجنسية للأفراد. وبينما يرى بعض الرجال والنساء في الانفصال فرصة لبدء حياة جنسية جديدة، يواجه آخرون عزلة وصعوبات نفسية واجتماعية.
وفي النهاية، يبقى تأثير الطلاق على الجنس مرتبطًا بعوامل شخصية (كالعمر والرغبة)، واجتماعية (كالوصمة والضغوط)، وصحية. لكن المؤكد أن الجنس يظل أحد أهم الجوانب التي يعيد الأفراد اكتشافها بعد تجربة الطلاق.