صوت البلد للأنباء –
في السنوات الأخيرة ظهر مصطلح جديد في عالم العلاقات يُعرف بـ “Situationship” أو ما يمكن ترجمته بـ العلاقة الرمادية. وهي علاقة تقع بين الصداقة والحب، لكنها تفتقد إلى التعريف الواضح أو الالتزام الرسمي.
هذا النوع من العلاقات بدأ يثير الكثير من الجدل، خصوصًا مع انتشاره بين الشباب عالميًا، حيث يرى البعض أنه شكل من أشكال الحرية العاطفية، بينما يعتبره آخرون مجرد فخ عاطفي يستهلك الوقت والمشاعر.
فما هي ملامح هذه الظاهرة؟ وما تقول الدراسات حولها؟
ما هي العلاقة الرمادية؟
العلاقة الرمادية هي:
ارتباط بين شخصين فيه تقارب عاطفي وربما جنسي، لكن دون أي تعريف رسمي للعلاقة، ودون التزامات واضحة مثل الزواج أو حتى الاعتراف بأنها علاقة حب.
تتميز هذه العلاقات بأنها:
تبدأ غالبًا من صداقة أو تعارف عبر الإنترنت.
يغيب عنها الحديث الجاد عن المستقبل.
يكون الشريكان معًا “في بعض الأوقات”، لكن دون التزامات يومية أو اجتماعية.
إحصاءات تكشف حجم الظاهرة
دراسة نُشرت في Journal of Social and Personal Relationships عام 2020 أظهرت أن 45% من طلاب الجامعات في أمريكا مرّوا بعلاقة رمادية على الأقل مرة واحدة.
استطلاع بريطاني (Relate, 2021) كشف أن 38% من الشباب بين 18 و30 عامًا قالوا إنهم عاشوا علاقة “غير محددة” لا هي حب ولا صداقة.
في دراسة عربية محدودة أجريت في لبنان عام 2022، اعترف 31% من المشاركين بأنهم مرّوا بتجربة مشابهة للعلاقات الرمادية، خصوصًا عبر تطبيقات المواعدة.
التفسير النفسي: لماذا يلجأ الناس إلى العلاقات الرمادية؟
الخوف من الالتزام: بعض الشباب يفضلون الاستمتاع بالعلاقة دون قيود رسمية.
تجربة بديلة: تعتبر مرحلة اختبار قبل الدخول في علاقة “رسمية”.
الراحة والسهولة: لا تتطلب مجهودًا كبيرًا ولا التزامات عائلية أو اجتماعية.
الهروب من الوحدة: البعض يفضل علاقة رمادية على البقاء بلا شريك.
تقول الدكتورة “نوال عطيّة”، أخصائية علم النفس:
“العلاقات الرمادية تعكس قلق جيل كامل من الالتزام، لكنها في الوقت ذاته قد تسبب فراغًا عاطفيًا أكبر على المدى الطويل.”
مقارنة بين الغرب والعالم العربي
في الغرب: العلاقات الرمادية أصبحت مقبولة اجتماعيًا بين الشباب، لكنها تواجه انتقادات من خبراء العلاقات لغياب الاستقرار.
في العالم العربي: هذه العلاقات لا تزال تُعتبر “تابو” في العلن، لكنها تنتشر بين الشباب عبر الإنترنت وفي السر، خصوصًا في المدن الكبرى.
إيجابيات وسلبيات العلاقات الرمادية
الإيجابيات:
تمنح مساحة للتجربة دون ضغوط.
مرونة وحرية شخصية.
قد تتحول لاحقًا إلى علاقة جدية إذا تطورت المشاعر.
السلبيات:
الغموض يسبب قلقًا نفسيًا للطرف الأضعف.
احتمال كبير للشعور بالاستغلال.
قد تستهلك سنوات من العمر بلا استقرار.
كيف نتعامل مع العلاقات الرمادية؟
تحديد الحدود: الوضوح من البداية يخفف من الصدمات.
التحدث بصراحة: سؤال مباشر “إلى أين تتجه هذه العلاقة؟”.
معرفة الاحتياجات الشخصية: إذا كان الهدف الاستقرار، فالعلاقة الرمادية ليست الخيار المناسب.
الجرأة على الانسحاب: عندما يغيب الالتزام لفترة طويلة، الأفضل المغادرة بدلًا من إضاعة الوقت.
العلاقات الرمادية (Situationship) تبدو جذابة وسهلة في البداية، لكنها في الواقع أشبه بـ فخ عاطفي قد يستهلك الكثير من الطاقة والمشاعر دون مقابل.
ومع أن الشباب في عصر السرعة يرونها حلًا وسطًا بين الحب والحرية، إلا أن غياب التعريف الواضح يجعلها غير مستقرة في الغالب.
ويبقى السؤال: هل هذه العلاقات هي انعكاس طبيعي لعصر التطبيقات، أم أنها دليل على أزمة التزام عاطفي لدى جيل كامل؟












