صوت البلد للأنباء –
كشفت دراسة إسرائيلية حديثة صادرة عن معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، عن تزايد المخاوف لدى مصر والأردن من تحول إقليمي كبير عقب المواجهة الأخيرة بين إسرائيل وإيران، يقود إلى شرق أوسط جديد تفرض فيه إسرائيل هيمنتها السياسية والأمنية.
الدراسة، التي نُشرت في صحيفة “هآرتس” العبرية، أعدّتها السفيرة الإسرائيلية السابقة لدى القاهرة أميرة أورون، والباحث المتخصص في الشؤون المصرية أوفير وينتر، تحت عنوان: “بعد الحرب مع إيران.. إسرائيل تخطط لشرق أوسط جديد”. وبيّنت أن القلق المصري الأردني لا يرتبط فقط بتداعيات الحرب أو الملف النووي الإيراني، بل بما تراه العاصمتان محاولة إسرائيلية لإعادة تشكيل ميزان القوى في المنطقة بما يخدم مصالحها منفردة. وبحسب ما جاء في الدراسة، فإن كلًا من القاهرة وعمّان تعاملتا بإيجابية حذرة مع وقف إطلاق النار بين تل أبيب وطهران، تجنبًا لانزلاق المنطقة إلى حرب شاملة أو حالة استنزاف طويلة تُفاقم الأزمات الاقتصادية وأزمة الطاقة. إلا أن الدولتين، بحسب ما ورد، تخشيان أن تستغل إسرائيل نتائج هذه المواجهة لإرساء نظام إقليمي جديد يعزز نفوذها على حساب بقية الفاعلين. وفي تحليل لهذه الدراسة، قال الدكتور محمد عبود، أستاذ اللغة العبرية والشؤون الإسرائيلية بجامعة عين شمس، في تصريحات لقناة RT، إن الدراسة قد تبدو “ودية” في ظاهرها، لكنها تحمل رسائل مقلقة بين السطور. وأوضح عبود أن الدراسة تنطلق من فرضية تغيّر ميزان القوى لصالح إسرائيل، وتلمّح إلى ضرورة “تكيّف” دول المنطقة، خصوصًا مصر والأردن، مع هذا الواقع الجديد بدلًا من معارضته، دون أن تقدم تل أبيب أي التزامات حقيقية، سواء فيما يخص القضية الفلسطينية أو سياسات الاستيطان والضم والتهجير. وتابع عبود قائلاً إن الدراسة تتعامل مع القضية الفلسطينية كمجرد “ملف قابل للإدارة”، وتضع على عاتق مصر والأردن مسؤولية تهدئة أي رد فعل فلسطيني محتمل، في تجاهل تام لجذور الصراع وسياسات الاحتلال. واعتبر عبود أن أخطر ما ورد في الوثيقة البحثية هو الترويج لمشروع “شراكة أمنية إقليمية” تقودها إسرائيل بدعم أمريكي، وتدعو الدول العربية إلى الانخراط فيها كشركاء من الدرجة الثانية، دون أي التزام بتغيير السياسات الإسرائيلية الجوهرية. وأكد أن الدراسة تتجاهل الثوابت الاستراتيجية لكل من القاهرة وعمّان، مثل التمسك بحل الدولتين، ورفض أي مساس بأمنهما القومي أو محاولة فرض توطين الفلسطينيين في دول الجوار، مشددًا على أن ما تقدمه الوثيقة هو أقرب إلى دعاية سياسية منه إلى توصية أمنية. وختم عبود تصريحه بالإشارة إلى أن الدراسة تمثل رؤية إسرائيلية لما بعد الحرب مع إيران، وتهدف على ما يبدو إلى تعبيد الطريق لمشروع إقليمي جديد يُعيد رسم المشهد، مع تكريس إسرائيل كقوة مهيمنة لا تُنازع.