صوت البلد للأنباء –
تهدد نقاط غامضة في اتفاق التهدئة الذي جرى التوصل إليه بين حركة حماس و، الليلة الماضية، عبر مصر وقطر والولايات المتحدة، بانهيار وقف إطلاق النار، خاصة في ظل إصرار الطرفين على اعتماد تفسيراته الخاصة لتلك النقاط.
والنقاط الغامضة باتفاق التهدئة هي: الانسحاب العسكري من غزة وتحديدًا محور فيلادلفيا، المرحلة الثانية للتهدئة، عودة النازحين لرفح، قائمة الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم، موقف الأحزاب اليمينية من الصفقة.
الانسحاب العسكري
وبالرغم من تسلم وفد حماس المفاوض لخرائط تتعلق بالانسحاب العسكري من قطاع غزة؛ إلا أن هذه النقطة تبقى غامضة، خاصة وأن إسرائيل يمكن أن تراوغ في عمليات الانسحاب أو بمواعيدها، ما يحول دون تنفيذ الاتفاق.
الانسحاب العسكري من محور نتساريم وسط القطاع بات أمرًا محسومًا؛ إلا أن المخاوف تتعلق بعدم تنفيذ إسرائيل لخطط الانسحاب من شمال القطاع وجنوبه”.
ومن الممكن أن تلجأ إسرائيل لتغيير بعض بنود الاتفاق المتعلقة بالانسحاب العسكري بشكل أحادي، خاصة وأن حكومة نتنياهو تريد أن تروج لاتفاقها على أساس أنه انتصار عسكري وسياسي.
و أن “البند المتعلق بالانسحاب من محور فيلادليفيا لا يتضمن جداول زمنية أو مواعيد أو مواقع محددة، ويحفظ لإسرائيل حق البقاء في بعض المناطق”، مشيرًا إلى أنه من المرجح أن تبقى إسرائيل بالمحور خلال المرحلة الأولى من التهدئة.
عودة النازحين لرفح
وخلال الاتفاق المعلن تنازلت إسرائيل على شروطها فيما يتعلق بعودة النازحين لغزة وشمالها؛ إلا أنها لم تكن واضحة فيما يتعلق بعودتهم لمدينة رفح، التي شهدت أطول عملية عسكرية في الحرب، خاصة مع مخطط الانسحاب الجزئي من محور فيلادلفيا.
أن “بقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا خلال المرحلة الأولى من التهدئة يعني سيطرته على أكثر من نصف مدينة رفح، وحرمان الآلاف من السكان من العودة للمدينة”، مبينًا أنه لا يوجد أي بند ينص على آلية عودتهم.
ولفت إلى أن “إسرائيل تعمدت التعويم في هذا الملف، وذلك من أجل الإبقاء على أزمة ملف النازحين، وإجبارهم على عدم الانتقال من مناطقهم السكنية، الأمر الذي يعيق أي مساعي للحركة من أجل استعادة حكم القطاع”.
المرحلة الثانية للتهدئة
ويبدو هذا الملف ضبابيًا للغاية، خاصة وأن الوسطاء اتفقوا مع حماس وإسرائيل على تأجيل جميع الملفات العالقة والتي لم يتم الاتفاق عليها للمفاوضات التي ستنطلق فور البدء في تنفيذ المرحلة الأولى، وهو ما يجعل مهمة استمرار التهدئة بمراحلها الثلاث صعبة للغاية.
“إسرائيل لن تقبل بتقديم أي تنازلات جديدة لحماس من أجل المضي قدمًا بتنفيذ اتفاق التهدئة”، لافتًا إلى أن نتنياهو سيواصل مراوغة الإدارة الأمريكية الجديدة والوسطاء من أجل إسقاط الاتفاق.
و “من مصلحة نتنياهو استعادة الرهائن ولو بشكل جزئي ثم التحرك نحو العودة للقتال، وهو الأمر الذي دفعه للاحتفاظ بحق استئناف الحرب في أي وقت شاء، وعند أي خرق للتهدئة من قبل حماس”.
و “سيكون من الصعب على الوسطاء إيجاد حلول وسط للملفات العالقة، ومن المستحيل إقناع طرفي القتال بتأجيل أي منها للمرحلة الثالثة من التهدئة”، مؤكدًا أن نتنياهو في حال نجح في تنفيذ المرحلة الأولى فإنه سيكون أكثر جرأة في اتخاذ قرار استئناف القتال.
قائمة الرهائن والأسرى
وعلى الرغم من تقديم حماس لقائمة بأسماء الرهائن الإسرائيليين المقرر الإفراج عنهم، إلا أن الأنباء تشير إلى عدم رضا الجانب الإسرائيلي عن القائمة، علاوة على عدم التوافق على أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنه.
أن “أي خديعة من قبل إسرائيل بهذا الملف ستؤدي لانهيار التهدئة، خاصة في حال عرقلت تل أبيب الإفراج عن أصحاب الأحكام العالية وبعض قيادات الحركة الأسيرة الذين تطالب حماس بالإفراج عنهم، وتعتبر ذلك نصرًا وتحقيقًا لأهداف هجوم أكتوبر”.
وبين أن “المفاوضات بهذا الملف ستكون الأكثر تعقيدًا خاصة وأنه مرتبط بالعديد من الأطراف الإسرائيلية بالائتلاف الحكومي والمعارضة”، مشددًا على أنه دون وجود ضغوط حقيقية وجدية على طرفي القتال لن يتم التوصل لاتفاق حل وسط.
موقف الأحزاب اليمينية
ويتخوف نتنياهو من مواقف الأحزاب اليمينية من الصفقة، الأمر الذي دفعه إلى اتهام بالتراجع عن بعض بنود الاتفاق بعد ساعات قليلة من إعلان التوصل له، في حين أكدت تقارير عبرية أن هذه الاتهامات غير صحيحة وسببها خشية رئيس الوزراء من انهيار ائتلافه الحكومي.
وزادت مخاوف نتنياهو مع وضع زعيم حزب الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش شروطًا لقبوله باتفاق التهدئة الحالي، أبرزها التعهد بالعودة للقتال بعد تحرير الرهائن والمحتجزين الإسرائيليين، وهو الأمر الذي لا يمكن لرئيس الوزراء فعله.
أن “نتنياهو يحاول الضغط على سموتريتش للبقاء في ائتلافه الحكومي، دون معارضة أو القبول بالصفقة”، مبينًا أن ذلك سيضمن بقاء حزب “القوة اليهودية” بزعامة ايتمار بن غفير.
أن “معارضة الحزبين للصفقة سيؤدي بالتأكيد لانهيار حكومة نتنياهو؛ إلا أن ضمان بقاء أحدهما سيجبر الحزب الآخر على الاستمرار بالحكومة”، مؤكدًا أن سموتريتش هو مفتاح بقاء الحكومة بالوقت الحالي.
سينجح نتنياهو في تجاوز هذه العقبة إما باللجوء إلى تشكيل شبكة أمان لحكومته من الأحزاب اليمينية بالمعارضة، أو إقناع سموتريتش بأهمية البقاء في الائتلاف الحكومي لتنفيذ المخططات اليمينية خلال فترة ولاية الرئيس الأمريكي الجديد “.