صوت البلد للأنباء –
من المؤسف أن نرى السلامي يسير على خطى سلفه عموتة في اعتماد معيار عدد المشاركات السابقة مع المنتخب معيارا رئيسيا للمفاضلة بين اللاعبين. ومن الواضح أن اللجوء الى هذا المعيار سببه الخوف من المغامرة (امشي الحيط الحيط وقول يارب الستيرة). هذا المعيار فيه شيء من المنطق لان الخبرة السابقة غالبا ما تنعكس ايجابيا على اداء اللاعب على المستوى الدولي. لكن هذا المعيار كذلك فيه سلبيات قد تؤدي الى نتائج كارثية، وأهم هذه السلبيات هي
اولا، حرمان المنتخب من الاستفادة من المواهب الشابة وحرمان المواهب الشابة من فرصة تمثيل المنتخب رغم أن مستواهم الفني مهاريا وبدنيا قد يكون أعلى بكثير من لاعبي الخبرة الذين يصر مدربو “الحيط الحيط” على اشراكهم رغم تراجع مستوياتهم. ومن ابرز المواهب الشابة التي لم تأخذ الفرصة في منتخبنا عارف الحاج ومهند سمرين وعلي العزايزة وبشار ذيابات وخالد زكريا وابراهيم صبرة ويوسف ابو الجزر، وحتى ابو طه لم يلعب عددا كافيا من الدقائق. كذلك فان عموتة لم يعط اي فرصة لعمر صلاح مما ادى الى “حرده”، ولم يعط اي دقيقة لعب للموهبة أمين الشناينة قبل تعرضه للاصابة رغم استدعائه في بطولة الاردن الودية التحضيرية. فيما يستمر الظهيران حداد وابو حشيش في ارتكاب الاخطاء الكارثية التي تكلف منتخبنا الكثير من الأهداف، ويستمر علي علوان في الاطاحة بالفرص السهلة بكل دم بارد. في اخر خمس مباريات رسمية له مع المنتخب، اضاع علي علوان حوالي دزينة فرص سهلة بانانية واستهتار غير مقبولين. فلماذا يستمر في اللعب و نحن لدينا الكثير من المواهب الشابة في مركزه؟
ثانيا، التجربة السابقة للاعب ليست بالضرورة تجربة ايجابية تجعلنا نفضله على غيره. بل على العكس تماما، فان اللاعب الذي فشل في تقديم مستوى جيد في المشاركات السابقة يجب الا يستدعى ثانية، ويجب أن تعطى الفرصة لغيره من المواهب الجديدة التي تظهر. على سبيل المثال، كان أداء منتخبنا في تصفيات كأس العالم 2022 كارثيا، حيث فشل في تسجيل أي هدف في اربع مباريات كاملة لعبها ضد استراليا والكويت ذهابا وايابا واكتفى بتسجيل اهداف لا قيمة لها في مرمى تايوان ونيبال الضعيفتين جدا. صحيح أن المدرب فيتال يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، لكن فيتال -للامانة- اختار أفضل اللاعبين الموجودين في الاردن في ذلك الوقت و كان الأداء الباهت لمعظم اولئك اللاعبين سببا مهما من اسباب الفشل في تلك التصفيات. فالمدرب بالتأكيد لا يتحمل مسؤولية اهدار المهاجمين للفرص السهلة ولا مسؤولية ارتكاب المدافعين للاخطاء الساذجة. لذلك فان على المدرب الحالي لمنتخبنا أن يتجنب اشراك او حتى استدعاء اللاعبين الذين أدوا أداء سيئا في تلك التصفيات، ويعمد الى اعطاء الفرصة للمواهب الجديدة بدلا منهم. و هنا أستغرب من اشراك السلامي لاحمد العرسان ذي الأداء الضعيف في تلك التصفيات على حساب مواهب شابة متألقة حاليا مثل مهند سمرين وعارف الحاج.
ثالثا، مستوى اللاعب قد يتراجع لعدة اسباب منها التقدم في السن والاصابة وعدم المواظبة على التمرين وحتى المشاكل الشخصية والظروف النفسية (فلاعب كرة القدم هو بشر من لحم و دم). ولذلك فان من الخطأ أن يستمر المدرب في اشراك لاعب مثل احسان حداد ذي المستوى المتراجع لمجرد أنه لعب كثيرا من المباريات الدولية وكان مستواه جيدا قبل 3 أو 4 سنوات.
ما أقترحه هنا على المدرب هو مراعاة المعيارين التاليين عند المفاضلة بين اللاعبين:
المعيار الأول هو أداء اللاعب في المشاركات الحديثة مع المنتخب (اي كاس اسيا 2023 وتصفيات كاس العالم الحالية) ان وجدت وملاحظة اختلاف اداء اللاعب باختلاف قوة الخصم. فمحمود مرضي مثلا تألق في كاس اسيا فقط أمام ماليزيا الضعيفة ولم يفعل شيئا أمام الفرق القوية وهي العراق وكوريا (مباراتان) وقطر. كما انه تألق في تصفيات كاس العالم أمام طاجيكستان وفلسطين ولم يفعل شيئا أمام السعودية أو كوريا. هذا يعني أن على المدرب أن يبحث عن جناح مستواه المهاري والبدني أعلى من مرضي اذا اراد الفوز على الفرق القوية. كذلك فان علوان أهدر شلالا من الفرص كما ذكرنا، ولذلك يجب البحث عن لاعب أمهر في التسديد و أكثر تركيزا أمام المرمى.
المعيار الثاني هو أداء اللاعب مع ناديه في المشاركات الاسيوية ان وجدت. فكرة القدم مستويات، ومستوى الفرق التي تقابلها أنديتنا في البطولات الاسيوية أعلى من مستوى فرق الدوري الاردني و اقرب لمستوى المنتخبات التي نقابلها في تصفيات كاس العالم. ولذلك فان أداء اللاعب في المشاركة الاسيوية هو معيار أدق للحكم على المستوى المتوقع من اللاعب دوليا من أداء اللاعب في الدوري المحلي أو في دوريات ضعيفة نسبيا مثل الدوري البحريني والكويتي والماليزي. ففي مشاركة الفيصلي في دوري ابطال اسيا الموسم الماضي برز من لاعبيه حسام ابو الذهب وعارف الحاج ورزق بني هاني. وفي مشاركتي الوحدات والحسين هذا الموسم في دوري ابطال اسيا للمستوى الثاني برز من لاعبيهم المحليين عارف الحاج ومهند سمرين ويوسف ابو الجزر وابراهيم صبرة. هؤلاء اللاعبون تألقوا اسيويا امام فرق مستوياتها اقرب لمستوى المنتخبات التي نقابلها في تصفيات كاس العالم من مستوى اندية الدوري الاردني. ولذلك يجب أن يعطى هؤلاء اللاعبون الذين تألقوا اسيويا الافضلية في الاختيار للمنتخب على اللاعبين الذين يتألقون في الدوري المحلي أمام فرق أضعف بكثير. طبعا أنا لا أعني هنا أنه يجب استبعاد اللاعبين المتألقين محليا ممن لا يحظون بفرصة المشاركة اسيويا، ولكن ما اعنيه هو ان تألق لاعب ما محليا أمام أندية ضعيفة نسبيا لا يعني بالضرورة أنه سيتألق مع المنتخب أمام منتخبات مستواها اعلى، أما اللاعب الذي يتألق اسيويا مع ناديه ففرصته أكبر في التألق مع المنتخب أمام منتخبات قوية.
أرجو أن يتنبه السلامي لكل هذه الاعتبارات حتى يكون اختياره للاعبين أفضل في المرحلة القادمة.