صوت البلد للأنباء –
أعرب مسؤولون في الحكومة والمعارضة الإسرائيلية، الاثنين، عن مخاوفهم من تداعيات استهداف وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير المتكرر للمجسد الأقصى بمدينة القدس الشرقية المحتلة.
وقال بن غفير لإذاعة الجيش الإسرائيلي الاثنين إن “السياسة (الحكومة) تسمح بالصلاة في جبل الهيكل (المسجد الأقصى)، هناك قانون متساو بين اليهود والمسلمين، كنت سأبني كنيسا هناك”.
وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها بن غفير، زعيم حزب “القوة اليهودية” اليميني المتطرف، عن إقامة كنيس داخل المسجد الأقصى، بعد أن دعا مرات عديدة في الأشهر الماضية إلى السماح لليهود بالصلاة في المسجد.
وتزامنت تصريحات بن غفير الجديدة مع إقدام مزيد من المستوطنين على أداء صلوات خلال اقتحاماتهم الأقصى، في حماية الشرطة الإسرائيلية التي تخضع فعليا لصلاحياته.
عمل خطير وغير مسؤول
وأعرب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عن مخاوف من تداعيات محاولة تغيير الوضع القائم بالمسجد الأقصى، وحذر من أنه “عمل خطير وغير ضروري وغير مسؤول”
وشدد غالانت عبر منصة “إكس” الاثنين، على أن “تصرفات بن غفير تعرض الأمن القومي لإسرائيل ووضعها الدولي للخطر”.
وتابع: “العملية التي قام بها الجيش الإسرائيلي أمس لصد هجوم حزب الله عززت إسرائيل، وتصريحات بن غفير تضعفنا”.
وفجر الأحد، شنت مقاتلات إسرائيلية أكثر من 40 غارة على عشرات القرى والبلدات جنوب لبنان أسفرت عن 3 قتلى، في أوسع هجوم على لبنان منذ بدء المواجهات مع “حزب الله” في 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
فيما أعلن “حزب الله” قصف مواقع عسكرية إسرائيلية بـ340 صاروخا وشن هجوم بطائرات مسيرة نحو عمق إسرائيل؛ ردا على اغتيالها القيادي بالحزب فؤاد شكر بيروت في 30 يوليو/ تموز الماضي.
ورد بن غفير على غالانت قائلا عبر منصة تلغرام: “وزير الدفاع يوآف غالانت ينحني أمام حماس ويجر إسرائيل إلى صفقة غير شرعية (لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى)”.
وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر 133 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وأضاف أن “غالانت يواصل سياسته التدميرية ذات المفهوم الانهزامي أيضا ضد حزب الله في الشمال (لبنان)”.
وواصل بن غفير التحريض بقوله: “يجب على إسرائيل أن تشن حربا حاسمة ضد حزب الله لإزالة التهديد في الشمال والسماح للسكان (المستوطنين النازحين من الشمال) بالعودة إلى منازلهم بأمان”.
وللمطالبة بإنهاء الحرب على غزة، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها “حزب الله”، مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا عبر “الخط الأزرق” الفاصل؛ أسفر عن مئات بين قتيل وجريح معظمهم بالجانب اللبناني.
تقويض للأمن القومي
“المنطقة كلها ترى ضعف نتنياهو أمام بن غفير”، هكذا بدأ زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد حديثه عن المخاوف من تداعيات تحركات وزير الأمن القومي.
وأضاف لابيد عبر “إكس”، أن نتنياهو “عاجز عن السيطرة على الحكومة حتى عندما تكون هذه محاولة واضحة لتقويض أمننا القومي. لا توجد سياسة ولا استراتيجية ولا حكومة حقا”.
وكعادته في الرد على تصريحات بن غفير المتكررة منذ أشهر، زعم مكتب نتنياهو في بيان الاثنين، أنه “لا تغيير على الوضع القانوني القائم” في المسجد الأقصى.
والوضع القائم هو السائد منذ ما قبل احتلال القدس عام 1967، وبموجبه فإن دائرة الأوقاف الإسلامية بالمدينة، والتابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، هي المسؤولة عن إدارة شؤون المسجد، وإنه مسجد لصلاة المسلمين فقط.
ولكن منذ 2003 تسمح الشرطة الإسرائيلية من جانب واحد، ودون موافقة دائرة الأوقاف الإسلامية، لمستوطنين باقتحام الأقصى أيام الأسبوع ما عدا الجمعة والسبت.
إراقة الدماء
وأثارت الاقتحامات المتكررة من جانب بن غفير وتصريحاته عن السماح لليهود بالصلاة في الأقصى ردود فعل منددة في العالمين العربي والإسلامي والمجتمع الدولي.
ولكنها أيضا تثير حفيظة الأحزاب الدينية الإسرائيلية التي تعارض اقتحامات الأقصى؛ لعدم توفر عنصر الطهارة لدى مقتحمي المكان الذي يعتقد اليهود أن الهيكل كان مقاما فيه.
وقال وزير الداخلية من حزب “شاس” الديني موشيه أربيل الاثنين: “على رئيس الوزراء نتنياهو أن يتحرك فورا لوضع بن غفير في مكانه، ردا على ما قاله هذا الصباح فيما يتعلق بالحرم القدسي”، حسب إذاعة الجيش.
وأضاف أن “كلماته (بين غفير) غير المسؤولة تضع على المحك تحالفات إسرائيل الاستراتيجية مع الدول الإسلامية التي تشكل تحالفا في الحرب ضد محور الشر الإيراني”، وفق قوله.
وحذر أربيل من أن “افتقاره (بن غفير) إلى الذكاء قد يؤدي إلى إراقة الدماء”.
ومنذ توليه منصبه في ديسمبر/ كانون الأول 2022 اقتحم بن غفير الأقصى مرارا، رغم انتقادات إسلامية وعربية ودولية.
ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل تكثف إجراءاتها لتهويد مدينة القدس الشرقية المحتلة، بما فيها المسجد الأقصى، وطمس هويتها العربية والإسلامية.
ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمةً لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال إسرائيل المدينة عام 1967، ولا بضمها إليها في 1981.