صوت البلد للأنباء –
تخوض المؤسسات السياسية والسيادية المصرية معركة حقيقية خلف الكواليس مع الإدارة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية بعنوان الضغط والقبول باستقبال لاجئي قطاع غزة في ظل القصف الإسرائيلي فيما تصمد المؤسسة المصرية حتى الآن رغم الضغط الهائل وتصر بدورها على الضغط من أجل تخفيف القصف وليس إنتاج أزمة لجوء. حوارات “صاخبة جدا” شهدتها الأروقة الرسمية المصرية في عناوين سؤال كيفية التصرّف إزاء مسار الأحداث في غزة وما يحصل معها وفيها. وبعض التباينات ظهرت بين نخبة من كبار المسؤولين المصريين خلال الساعات القليلة الماضية لكن مصادر مطلعة للغاية على التفاصيل أبلغت “رأي اليوم” بأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قرر عدم الاستفراد بأي قرار وفتح الباب للاستماع إلى آراء متعددة حتى تتّخذ مصر موقفا موحدا يمكنها الدفاع عنه. محور الضغط الأمريكي والغربي غير المسبوق على القيادة المصرية هي الإصرار على أن مصر ينبغي لها أن تفتح الأبواب لاستقبال لاجئين فلسطينيين من أبناء قطاع غزة والتأكيد على أن المنظمات الدولية ستتولى الإنفاق عليهم بعد استقبالهم ولاحقا العمل على إعادتهم لوطنهم بعد انتهاء المعارك العسكرية. قيل لمصر بوضوح وبلهجة “تهديد” عبر وزير الخارجية الأمريكي وكل من بريطانيا وفرنسا بأن مصر “ملزمة على فتح الأبواب والمعابر لاستقبال اللاجئين “بصفتهم” من النازحين والهاربين من المعارك. وقيل أيضا للمصريين إن مصر مُلزمة بموجب نصوص القانون الدولي التي تُجبرها على ذلك. لكن الرئيس السيسي لا يبدو مقتنعا ولذلك بعد انتهاء فعاليات خطابه الأخير في الكلية الحربية اجتمع بصورة مغلقة بنخبة من كبار الشخصيات والكتاب والإعلاميين في لقاء غير مخصص للنشر علمت به “رأي اليوم”. وفي ذلك اللقاء خاطب السيسي الموجودين قائلا: “أنا شخصيا اتكلمت.. الآن عايز أسمع منّكم”. كشفت اللقاء أن شيخ الأزهر تحديدا كان أبرز المتحدثين وتقدم بمداخلة حادة حذر فيها القيادة من”خطأ تاريخي” معتبرا أن الهدف الإسرائيلي من الزج بمصر واضح وهو تصفية القضية الفلسطينية وحذر شيخ الأزهر من أي “تساهل” تُظهره المؤسسات المصرية إزاء هذا التغوّل على عُروبة وهُويّة مصر واصفا ما يجري بأنه صناعة أزمة للجوء جديدة ستدوم على حساب مصر. لاحظ المعنيون أن وزير الخارجية المصري سامح شكري هو الذي ظهر أكثر مرونة منبقية الشخصيات متحدثا عن كلفة وفاتورة إذا ما تجاهلت مصر ما يريده المجتمع الدولي اليوم مشيرا إلى أن ما يقوله وزراء خارجية الغرب له عن “القانون الدولي” صحيح ومقدرا بأن مصر تخالف فعلا القانون الدولي وتستطيع الماكينة الغربية أن تحشرها في هذا السياق. وهنا حصرا بزرت مداخلة في غاية الأهمية قالها السيسي مباشرة للوزير شكري: “تصرّف إنت والسفراء بحكاية القانون الدولي دي”، وقدّر المراقبون في الاجتماع بأن هذه العبارة أقرب لصيغة قرار رئاسي يكلف طاقم الخارجية بمراوغة التركيز على قصة القانون الدولي بمعنى أن السيسي أميل للرأي القائل بأن مصر ينبغي أن لا تُساهم في أزمة لجوء فلسطينية جديدة. وهُنا برزت المُقاربة المسيسة القائلة بأن “تمكين أهالي القطاع” من الصمود في أرضهم هو الآلية التي تخدم الموقف والمصالح المصرية الآن وفي هذه المرحلة تجنبا للمنزلقات والكمائن الأمريكية والإسرائيلية، وهو التقدير الذي دفع أمس الأول المصريين لمنح الأمريكيين هامشا بالمساعدة في قصة فتح معبر رفح لمغادرة الأمريكيين والأجانب ثم الاستثمار بالتفاهم لإدخال مساعدات.