صوت البلد للأنباء –
نُشِرت لائحة الأجور الطبية الجديدة في الجريدة الرسمية وتضمنت رفع الأجور الطبية تدريجياً خلال ثلاث سنوات بدءاً من السنة الحالية بنسبة (20%) في كل سنة لتصل نسبة الزيادة الإجمالية في عام 2026 إلى (60%).!
تعرفة الأجور الطبية الجديدة بهذه النسبة العالية من الرفع تأتي في غير أوانها وزمانها، فالأوضاع الاقتصادية للناس والشركات ليست جيدة، وتتزايد معاناة المواطن والأُسَر الأردنية بصورة غير مسبوقة.
لائحة الأجور الطبية الجديدة ستكون لها محاذير وانعكاسات سلبية كبيرة على مختلف الأطراف ومنها:
١) ستسعى الشركات التي تقدّم تأميناً صحياً لموظفيها ومتقاعديها إلى تخفيض منافع هذا التأمين وتقليل عدد زيارات العيادات الطبية ولا سيما عيادات الاختصاص للحفاظ على فاتورة تأمين صحي ضمن موازناتها، وبدون أي أعباء إضافية. مما سيُلحِق الضرر بالأطباء وموظفي هذه الشركات وأفراد عائلاتهم المنتفعين من التأمين.
٢) سينخفض إقبال غير المُؤمّنين صحياً على العيادات الخاصة، وسيكتفي الكثيرون بمراجعة الصيدليات واستشارة الصيادلة لأخذ الدواء المناسب لحالاتهم المرضية دون تشخيص الطبيب ووصفته العلاجية. وهذا سينعكس سلباً على صحة المواطن أولاً ثم على جيوب أطباء العيادات.
٣) قد تتخلّى الشركات المتوسطة التي تقدّم تأميناً صحياً لو متواضعاً لموظفيها عن التأمين تماماً، ولا سيما إذا كانت تعاني من أوضاع مالية صعبة، حيث ستجدها فرصة سانحة للتخلي عن التأمين كلياً.
٤) ستضطر شركات التأمين إلى رفع بوليصة التأمين الصحي، الأمر الذي سيدفع نسبة من المؤمِّنين لديها إلى عدم تجديد بوليصاتهم، وهذا سيكون له تأثير سلبي على هذه الشركات أولاً وعلى أطباء العيادات ثانياً.
٥) سيزداد الضغط على التأمين الصحي الحكومي بشقية المدني والعسكري، وسيؤدي ذلك إلى زيادة معاناة القطاع الصحي العام، كما يؤدي إلى تردّي خدماته العلاجية ورفع الكلفة التشغيلية لهذا القطاع، مما يؤثر سلباً على الجميع.
٦) سيؤدي رفع الأجور الطبية إلى رفع فاتورة علاج إصابات العمل التي تدفعها مؤسسة الضمان الاجتماعي سنوياً لعلاج المؤمّن عليهم الذين يتعرضون لحوادث وإصابات العمل في كل القطاعات الاقتصادية والتي تصل سنويا إلى حوالي (12) مليون دينار، بالرغم من أن المؤسسة تتعاطى مع الحد الأدنى للأجور الطبية فقط الواردة في اللائحة.
٧) سيؤدي رفع الأجور الطبية إلى رفع نسبة التضخم، لا سيما وأن رفعها سيصاحبه رفوعات لسلع وخدمات أخرى بسبب زيادة كلفة “المشتغلين” بشكل عام. وهذا ما سينعكس سلباً على مناحي الحياة، ويزيد من معاناة الناس ونسب الفقر في المجتمع.
٨) رفع الأجور الطبية وبهذه النسبة الكبيرة سيؤدي حتماً إلى خفض الإنفاق على الكثير من السلع والخدمات الأخرى التي ستتأثر قطاعاتها سلباً بذلك.
٩) رفع الأجور الطبية سيلحق ضرراً كبيراً بعمال القطاعات المهنية والحرفية والتجارية الصغيرة، والعاملين في القطاعات غير المنظمة، ومعظمهم غير مؤمّنين صحياً، الذين سيُحجِم الكثيرون منهم عن مراجعة العيادات الطبية الخاصة، ويؤثِرون تحمّل مرضهم وأوجاعهم أو البحث عن أماكن ووسائل علاج أخرى أقل كلفة وغالباً أقل جودة، وهذا بدوره له تأثيرات سلبية على صحة العمال وبالتالي انعكاساته على الإنتاج.
في ضوء المحاذير والانعكاسات السلبية أعلاه لرفع الأجور الطبية، أصبح من الضرورة الوطنية أن تفكر الحكومة بالبدء بوضع مشروع التأمين الصحي الشامل والعادل والمستدام، وتستطيع أن تبدأ مرحلته الأولى بالشراكة مع مؤسسة الضمان ليشمل مشتركيها ومتقاعديها غير المشمولين بأي تأمين صحي.
(سلسلة توعوية تنويرية اجتهادية تطوعيّة تعالج موضوعات الضمان والحماية الاجتماعية، وتبقى التشريعات هي الأساس والمرجع- يُسمَح