صوت البلد للأنباء –
زادت المجزرة العسكرية الإسرائيلية الواسعة والمفاجئة في النصيرات وسط قطاع غزة، من الشكوك والتكهنات حول الهدف الحقيقي من وجود الميناء الأمريكي في مدينة غزة، والدور الذي يقدمه لخدمة أهداف الاحتلال خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من ثمانية شهور.
وارتكبت قوات الاحتلال مجزرة مروعة السبت في النصيرات، بعد أن شنت قصفا عنيفا على أجزاء واسعة من المدينة ومخيمها ومعظم المنطقة الوسطى من قطاع غزة، ما تسبب في استشهاد أكثر من 274 فلسطينيا على الأقل وإصابة المئات، بالتزامن مع توغل محدود في الأجزاء الشرقية والشمالية، أدى إلى استعداة أربعة أسرى إسرائيليين.
وقال مسؤول أمريكي لموقع “أكسيوس” إن خلية المساعدة الأمريكية في “إسرائيل” دعمت جهود استعادة أربعة أسرى كانوا لدى المقاومة في غزة، بعد أكثر من ثمانية أشهر على الحرب.
وذكرت شبكة “سي إن إن” أن “خلية أمريكية موجودة في “إسرائيل” ساهمت في تخليص 4 محتجزين بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة”.
وقال مسؤول أمريكي لصحيفة “نيويورك تايمز” إن “فريقا أمريكيا رسميا متمركزا في إسرائيل ومتخصصا في إنقاذ الرهائن، ساعد في العملية من خلال توفير معلومات استخبارية وغيرها من الدعم اللوجستي”.
من جانبها، نقلت هيئة البث العبرية الرسمية عن مصادر إسرائيلية أمريكية أن “الولايات المتحدة ساعدت بشكل استخباراتي في عملية تحرير المحتجزين في النصيرات، وأن الأمريكيين كانوا على علم بالعملية مقدما، بل ودعموها بشكل عملي”.
ورغم أن القيادة العسكرية الأمريكية الوسطى “سنتكوم”، قالت إن الرصيف البحري لم يستخدم في عملية جيش الاحتلال الإسرائيلي لاستعادة المحتجزين في غزة، إلا أنها أكدت أن الجيش الإسرائيلي استخدم المنطقة الواقعة جنوب الرصيف لإعادتهم.
وأضافت القيادة أن الرصيف المؤقت أنشئ على شاطئ غزة “لغرض المساعدة في نقل المساعدات إلى القطاع فقط”.
وبهذا يقول الباحث والكاتب، محمد صادق أمين، إنه “يجري استخدام البحر الأبيض المتوسط حاليا من أجل بناء القواعد العسكرية وغزو فلسطين مرة أخرى، وهذا الميناء هو قاعدة تجسس متقدمة جاءت بعدما عجزت الطائرات والجواسيس والتكنولوجيا المتقدمة والأقمار الصناعية عن كشف السر الذي حير العالم والاحتلال في غزة”.
وأضاف أمين في مقابلة نشرت له في آذار/ مايو الماضي أن “ست دول عظمى تقف مع الكيان في قاعدة عسكرية متقدمة وتريد أن تصل إلى سر المقاومة، وإقامة الميناء لا تتعلق بالمساعدات التي يمكن إدخالها عبر طرق كثيرة برية، بل إنها تتعلق بأجندة وراء الميناء”.
وأكد أن “هذه قاعدة استخباراتية متقدمة للحصول على معلومات عن سر المقاومة وسر صمودها لهذه الفترة، وهي أيضا محاولة لتحويل الميناء إلى معبر للفلسطينيين للخروج من غزة”.
وذكر أنه “من المعروف تاريخيا أن قبرص التي تأتي منها المساعدات، هي قاعدة استخباراتية متأخرة لصالح إسرائيل”.
يذكر أنه في بداية الحرب الإسرائيلية، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” أنها أرسلت قوة أمريكية خاصة معنية بتحرير الرهائن، لمساعدة الإسرائيليين.
وتعد “قوة دلتا”، وحدة عمليات خاصة تابعة للجيش الأمريكي، تركز بشكل أساسي على مهمة تحرير الرهائن ومكافحة “العمليات الإرهابية”، وتحاط معظم عملياتها بالسرية.
وذكرت مجلة “ذا ناشيونال إنترست”، أن “إسرائيل تحتاج إلى الوحدة بسبب خبرتها الطويلة بعمليات إنقاذ الأسرى، حيث ستقدم دلتا المشورة لوحدة استطلاع هيئة الأركان العامة أو “سايريت ماتكال”، وهذه هي وحدة المستوى الأول التابعة للجيش الإسرائيلي، التي تحافظ على علاقة وثيقة جدا مع قوة دلتا”.
استغلال شاحنات المساعدات
قالت مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، إن “جنودا إسرائيليين وأجانب اختبأوا داخل شاحنة مساعدات، لتنفيذ العملية العسكرية التي أسفرت عن استعادة 4 محتجزين”، وهو ما نفته “إسرائيل”، كما أنها نفت استخدام رصيف المساعدات العائم لدخول المنطقة.
واتهمت ألبانيز “إسرائيل” بـ”استغلال المحتجزين لإضفاء شرعية على قتل الفلسطينيين وجرحهم وتشويههم وتجويعهم في غزة، بينما تتصاعد أعمال العنف ضد الفلسطينيين في بقية الأراضي المحتلة وإسرائيل”.
وبينما بدأت العمليات العسكرية والقصف الكثيف الذي سبق وتزامن مع العملية في حوالي الساعة الـ11:30 بتوقيت فلسطين (9:30 بتوقيت غرينتش)، بحسب ما أكد شهود لـ”عربي21″، فإنه جاء إعلان الحساب الرسمي للقيادة المركزية الأمريكية الأحد عن استئناف العمل في الميناء بعد منتصف الليل، وهو الذي تعطل بسبب انجراف معظم أجزائه بسبب الأمواج القوية خلال الأسابيع الماضية.
ونشرت القيادة المركزية صورا نهارية من إعادة عمل الميناء (أي إنها التقطت في نهار السبت)، قائلة: “اليوم وفي حوالي الساعة الـ10:30 صباحًا (قبل عمليات القصف التي سبقت تنفيذ العملية بساعة)، فقد بدأت القيادة المركزية الأمريكية بتسليم المساعدات الإنسانية إلى شواطئ غزة”.
وأضافت أنه “تم تسليم ما يقرب من 492 طنا متريا من المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها إلى سكان غزة”.
وعلق بعض مستخدمي منصة “إكس” (تويتر سابقا) على منشور القيادة المركزية الأمريكية، قائلين إنه “دائما ما يتم استخدام نفس الشاحنة لإظهار دخول مساعدات جديدة”، في إشارة إلى عدم دخول أي مساعدات وأنه يتم استخدام نفس الشاحنة من أجل التقاط الصور.
وأظهرت الصور المتداولة للمروحية التي نقلت بعض الأسرى الإسرائيليين الذين تمت استعادتهم، من منطقة مجاورة للميناء الأمريكي، ذات شاحنة المساعدات التي ظهرت في المنشور الرسمي للقيادة المركزية.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن التظاهر باستخدام وسائل النقل المخصصة للمساعدات الإنسانية، وارتداء لباس العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية كغطاء، يشكل جريمة غدر وفقا لأحكام القانون الدولي الإنساني.
ويصنف ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية جريمة الغدر كجريمة حرب.
وأكد المرصد، الذي وثق شهادات حول تنفيذ العملية الإسرائيلية في النصيرات، أنه ينبغي التحقيق في احتمال استخدام الرصيف الأمريكي العائم، الذي أعلنت واشنطن جاهزيته لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة في 17 أيار/ مايو الماضي، قبل أن يتم الإعلان عن تعطّله بعد أيام من ذلك، لأغراض عسكرية والمساهمة في جرائم قتل مدنيين فلسطينيين.
وشدد على رفض تمادي الجيش الإسرائيلي في استخدام أنواع مختلفة من الأسلحة والذخائر وقوة تدميرية عشوائية ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم، وارتكاب مجازر بشكل يومي دون مبرر، منذ بدء هجماته العسكرية على قطاع غزة.