صوت البلد للأنباء –
“الارتباط بشخص نرجسي ليس دائما مجرد نزهة”، كما تقول المستشارة التربوية سوزان ديغيس وايت، فعلى الرغم من انتشار مصطلح “النرجسية” وكثرة تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة، فإن المشكلة تبقى أن علامات النرجسية لا تظهر بسهولة في بعض الأحيان.
بل إن العديد من سمات النرجسية لا تصبح أكثر وضوحا إلا بعد التورط مع شخص نرجسي متمركز حول ذاته، على حدّ قول راماني دورفاسولا، مؤلفة كتاب “هل يجب أن أبقى أم يجب أن أذهب؟ كيف تنجو من علاقة مع شخص نرجسي؟”
فقد تكون معظم العلامات غير ظاهرة لدرجة تدفعك إلى الشك في نفسك، و”التساؤل عما إذا كنت أنت المشكلة أم هو”، بل المفارقة أن بعض المميزات التي جذبتك لشريك حياتك كالتأنق والثقة وقوة الشخصية قد تكون في الواقع هي نفسها التي تغذي نرجسيته.
ولمعرفة ما إذا كان شريك حياتك نرجسيا، عليك التأكد من هذه العلامات التي وضعها الخبراء.
الإيقاع في شِباك العُزلة
“بعد الزواج، غالبا ما يعزل النرجسيون أزواجهم عن أصدقائهم من خلال عملية بطيئة ومُمنهجة”، كما تقول عالمة النفس الأميركية الدكتورة كريستينا دورازيو.
فما إن يتغير شكل حياتك بالزواج والأطفال حتى تجدي نفسك تُستدرجين للانجراف بعيدا عن الأصدقاء المقربين بعملية تبدأ بحشد الحجج حول عدم الإعجاب ببعضهم، وتنتهي بدفعك إلى التساؤل عن سبب صداقتك لهم منذ البداية.
التلاعب
تقول الدكتورة راماني دورفاسولا “لم أر يوما زواجا نرجسيا إلا كان ضحية للتلاعب”، من خلال أسئلة وعبارات تهدف إلى التشكيك في واقعك أو ذاكرتك أو تصوراتك عن نفسك، من قبيل “لماذا أنت عصبية جدا؟ أو لماذا لا تُضحكك النكات؟ أو أنت أسيرة الماضي، أو مصابة بجنون العظمة”.
التألق أمام الآخرين
تتحدث الدكتورة دورازيو عن حرص النرجسي على “تغذية شعورك بعدم الأمان”، فهو يغمرك بالإطراء قبل الزواج، لكن سرعان ما يتغير سلوكه بعد الزواج، و”يكتفي بالإطراء أمام الآخرين فقط”.
وتفسر دورازيو هذا السلوك بأنه “يضمن للنرجسي أن يبدو كزوج رائع أمام الناس، وفي الوقت نفسه يقطع عليك الطريق إذا فكرت في الشكوى منه لاحقا”.
أيضا “في الوقت الذي يتلاشى فيه الإطراء الذي كان يغدقه عليك من قبل، يبدأ هو نثره على المحيطين بك، لتعميق شعورك بعدم الأمان”.
الإيحاء بالغيرة
مبالغة النرجسي في مدح الآخرين، وتحدثه بانبهار عن أحدهم، أو انغماسه في المغازلة أمامك “ليس سلوكا عفويا، أو تصرفا بريئا”، حسب تقرير نُشر عام 2017، ولكنه “خطوة إستراتيجية مصممة لتجعلك تشعرين بالغيرة، فضلا عن إذكاء شعورك بعدم الأمان”. فقد لاحظ الباحثون “أن النرجسيين يفعلون ذلك من أجل السيطرة، وتعزيز احترامهم لذاتهم”.
الاستحواذ على الأطفال أو الغيرة من رعايتهم
تُخبرنا الدكتورة ديغيس وايت أنه “يمكن للأزواج النرجسيين أن يُبدوا استياء من الوقت الذي تقضينه في رعاية الأطفال، فيعبّروا عن ذلك بالإصرار على أن ينصب تركيزك عليهم أكثر من الطفل”.
في المقابل، يقوم بعض النرجسيين بتحويل تركيزهم بشكل كبير إلى أطفالهم “ويتعللون بأن هؤلاء الأطفال هم امتداد لهم”، فينشغلون بالطفل، ويتركونك على هامش الأسرة.
إلقاء اللوم
لأن “إلقاء اللوم على الآخرين يُعدّ سلوكا نرجسيا شائعا جدا” وفقا للأبحاث، نجد “أن النرجسيين غالبا ما يُلقون باللوم المتعلق بسلوك سيئ يصدر من الأطفال على افتقار الزوجة إلى مهارات الأمومة”، كما تقول الدكتورة دورازيو، مضيفة “أن النرجسيين غالبا ما يستخدمون حياتهم المهنية ذريعة للتخلي عن مسؤولياتهم عن رعاية الأطفال”.
الشكوى للعائلة
“النرجسيون أشخاص منخرطون في أنفسهم ويفتقرون إلى التعاطف”، ومن ثم يلجؤون دائما إلى الشكوى للمقربين، “فيسارع النرجسي للتحدث مع عائلتك وأصدقائك بشأن شكوى ما منك، قبل أن تتاح لك الفرصة للبدء بتوضيح موقفك”، حسب الدكتورة دورازيو التي تعلل ذلك بأن النرجسي “يزيل التوتر عن نفسه” بالشكوى.
تفكيك “قنابل الحب”
تقول الدكتورة دورازيو “بعد غزوك بالزواج، لم تعد هناك حاجة إلى مغازلتك بإطلاق قنابل الحب”، فبعد الزواج يتوقف كل شيء مما كان يُغدقه عليك النرجسي، من كلمات الحب، والزهور والهدايا، مُشيرة إلى أن “هذه الإغداقات الباهظة يمكن أن تعود في بعض الأحيان، ولكن فقط عندما يريد زوجك منك شيئا يستحق ذلك”.
يفخر بنرجسيته
وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2200 شخص أن “النرجسيين يكادون يفخرون بنرجسيتهم، حنى لو كانت تعني الأنانية والتركيز على الذات والعبث، ولا يتردد أحدهم في قول (أنا نرجسي)”.
فالنرجسيون عادة لا ينظرون إلى سلوكهم على أنه مشكلة، وبدلا من ذلك “يشعرون بأنهم بخير تماما، وأن الآخرين هم من لديهم مشاكل”، كما تشير الدكتورة سوزان وايت.
كيف نتعامل مع نرجسي نرتبط به؟
تخبرنا سوزان وايت أن “الارتباط بشخص نرجسي لا يعني أنه لا أمل”، وتُسدي هذه النصائح “للخوض في تلك المياه الغادرة”.
- الذكاء في مجادلته: لأن النرجسي يرى أنه لا يمكن أن يكون مخطئا، وذلك يجعل الجدال معه أقرب إلى المستحيل. لذا تنصح الدكتورة وايت بأن “من الذكاء إقناعه بأنه مصدر الشيء الصحيح الذي يجب فعله، أو أن الفكرة الرائعة لحل المشكلة كانت فكرته هو”.
- تجاهل إهاناته: فالإهانات هي الطُعم الذي يريدك النرجسي أن تبتلعه وتتفاعل معه، لتنخرط في الشجار، ولكن إذا نجحت في تفويت الفرصة، فلن يتمكن من ذلك.
- مراجعة دوافع اختياره ليكون شريك حياة: فمن المهم التفكير في “الأسباب غير الواعية” التي على أساسها حدث الارتباط بشخص نرجسي، لأن الشروع في فهم دوافع ذلك يساعد على معرفة الحلول.
- إحياء علاقاتك: بالعودة إلى الأصدقاء والعائلة، وأي شخص يمكنه دعمك “إذا لاحظت أن حياتك أصبحت ممتلئة بالروابط المقطوعة”، وفقا لتوصية الدكتورة دورازيو.